وقد أولت التعاليم الإسلامية عناية فائقة لهذا الموضوع حتى عدته من أفضل العبادات.
يقول أمير المؤمنين علي (عليه السلام) في آخر وصاياه - عندما عممه ابن ملجم بالسيف - لولديه " إني سمعت جدكما رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) يقول: إصلاح ذات البين أفضل من عامة الصلاة والصيام " (1).
وجاء عن الإمام الصادق (صلى الله عليه وآله وسلم) في كتاب الكافي أنه قال: " صدقة يحبها الله إصلاح بين الناس إذا تفاسدوا، وتقارب بينهم إذا تباعدوا " (2).
كما ورد عنه (عليه السلام) في الكتاب آنف الذكر ذاته أنه قال للمفضل: " إذا رأيت بين اثنين من شيعتنا منازعة فاقتدها من مالي " (3).
ولهذا نقرأ في بعض الروايات عن أبي حنيفة سابق الحاج قال: مر بنا المفضل وأنا وختني نتشاجر في ميراث، فوقف علينا ساعة ثم قال لنا: تعالوا إلى المنزل فأتيناه فأصلح بيننا بأربعمائة درهم فدفعها إلينا من عنده حتى إذا استوثق كل واحد منا من صاحبه، قال أما إنها ليست من مالي ولكن أبو عبد الله (عليه السلام) أمرني إذا تنازع رجلان من أصحابنا في شئ أن أصلح بينهما وافتديها من ماله، فهذا من مال أبي عبد الله (عليه السلام) (4).
والسبب في كل هذا التأكيد في المسائل الاجتماعية يتجلى بقليل من التأمل، لأن عظمة الأمة وقدرتها وعزتها لا يمكن تحقيقه إلا في ظل التفاهم والتعاون. فإذا لم يتم إصلاح ذات البين، ولم تطو الخلافات الصغيرة والمشاجرات، تنفذ جذور العداوة والبغضاء في القلوب تدريجا، وتتحول الأمة