و " الحسنة " تعني كل خير وجمال، وعلى هذا الأساس تشمل جميع النعم، وكذا التوفيق للعمل الصالح، والمغفرة، والجنة، وكل نوع من أنواع السعادة، ولا دليل على حصرها بنوع خاص من هذه المواهب، كما ذهب إليه بعض المفسرين.
ثم يبين القرآن الكريم دليل هذا الطلب هكذا: إنا هدنا إليك أي عدنا إليك واعتذرنا عما فعله سفهاؤنا، حيث طلبوا ما لا يليق بمقام عظمتك.
و " هدنا " مشتقة من مادة " هود " بمعنى العودة المقترنة بالرفق والهدوء، وكما قال بعض اللغويين: تشمل العودة من الخير إلى الشر أيضا، وكذا من الشر إلى الخير (1)، ولكن جاءت في كثير من الموارد بمعنى التوبة والعودة إلى طاعة الله.
يقول الراغب في " المفردات " نقلا عن بعض: " يهود في الأصل من قولهم:
هدنا إليك، وكان اسم مدح، ثم صار بعد نسخ شريعتهم لازما لهم، وإن لم يكن فيه معنى المدح ".
ولكن بما أن بعض اللغويين ذكر أن معنى هذه اللفظة هو الرجوع من الشر إلى الخير، أو من الخير إلى الشر، يمكن القول بأن هذه الكلمة ليست متضمنة للمدح بحال، بل هي حاكية عن الاضطراب الروحي والقلق الأخلاقي الذي كانت تعاني منه تلك الجماعة.
وقال بعض آخر من المفسرين أن علة تسمية هؤلاء القوم ب " اليهود " لا يرتبط مطلقا بهذه اللفظة، بل لفظة يهود متخذة أصلا من مادة " يهوذا " الذي هو اسم لأحد أبناء يعقوب (عليه السلام) ثم تبدلت الذال إلى الدال، وصارت يهودا، فيطلق على المنسوب إليه يهودي (2).
ولقد أجاب الله - في النهاية - دعاء موسى (عليه السلام) وقبل توبته، ولكن لا بصورة