والجواب على هذا الكلام واضح أيضا، لأن الكلام فعل من أفعال الإنسان أيضا، وإطلاق " الفعل " على " الكلام " ليس أمرا جديدا وغير متعارف، مثلا عندما نقول: إن الله يثيبنا يوم القيامة على أعمالنا، فإن من المسلم أن لفظة أعمالنا تشمل كلماتنا أيضا.
ثم إن موسى (عليه السلام) قال في عقيب هذا التضرع والطلب من الله: رباه إني أعلم أن هذا كان اختبارك وامتحانك، فأنت تضل من تشاء (وكان مستحقا لذلك) وتهدي من تشاء (وكان لائقا لذلك) إن هي إلا فتنتك واختبارك.
وهنا أيضا تكلم المفسرون في معنى " الفتنة " كثيرا وذهبوا مذاهب شتى، ولكن بالنظر إلى أن لفظة " الفتنة " جاءت في القرآن الكريم بمعنى الاختبار والإمتحان مرارا كما في الآية (28) من سورة الأنفال: إنما أموالكم وأولادكم فتنة وكذا في الآية (2) من سورة العنكبوت، والآية (126) من سورة التوبة) لا يكون مفهوم الآية الحاضرة غامضا. لأنه لا شك في أن بني إسرائيل واجهوا في هذا المشهد اختبارا شديدا، فأراهم الله تعالى أن هذا الطلب (طلب رؤية الله) طلب تافة ومستحيل الوقوع.
وفي ختام الآية يقول موسى (عليه السلام): رباه: أنت ولينا فاغفر لنا وارحمنا وأنت خير الغافرين.
من مجموع الآيات والروايات يستفاد أن الهالكين قد استعادوا حياتهم في المآل وعادوا برفقة موسى (عليه السلام) إلى بني إسرائيل، وقصوا عليهم كل ما سمعوه وشاهدوه، وأخذوا في إرشاد الغافلين الجاهلين وهدايتهم.
وفي الآية اللاحقة يشير إلى طلب موسى (عليه السلام) من ربه وتكميل مسألة التوبة التي ذكرت في الآيات السابقة، يقول موسى: واكتب لنا في هذه الدنيا حسنة وفي الآخرة.