يقول في البداية: تذكروا يوم أنجيناكم من مخالب آل فرعون الذين كانوا يعذبونكم دائما وإذ أنجيناكم من آل فرعون يسومونكم سوء العذاب.
و " يسومون " مشتقة من مادة " سوم " وتعني في الأصل - كما قال " الراغب " في " المفردات " - الذهاب في طلب شئ، كما يستفاد من القاموس تضمنه لمعنى الاستمرار والمضي أيضا، وعلى هذا يكون معنى يسومونكم سوء العذاب أنهم كانوا يعذبونكم بتعذيبات قاسية باستمرار.
ثم تمشيا مع أسلوب القرآن في بيان الأمور بتفصيل بعد إحمال شرح هذا العذاب المستمر، وهو: قتل الأبناء، واستبقاء النساء للخدمة والإسترقاق يقتلون أبناءكم، ويستحيون نساءكم.
وقد كان في هذا اختبار عظيم من الله لكم وفي ذلكم بلاء من ربكم عظيم.
وسياق الآية يكشف عن أن هذه العبارة قالها موسى (عليه السلام) عن الله لنبي إسرائيل عندما رغبوا بعد عبورهم بحر النيل في الوثنية وعبادة الأصنام.
صحيح أن بعض المفسرين احتمل أن يكون المخاطبون في هذه الآية هم يهود عصر الرسول الأعظم (صلى الله عليه وآله وسلم)، لأن التفسير الأول يحتاج إلى تقدير شئ بأن يقال: إن الآية كانت في الأصل هكذا: قال موسى: قال ربكم... وهذا خلاف الظاهر.
ولكن مع الالتفات إلى أنه لو كان المخاطبون في هذه الآية هم يهود عصر النبي الأكرم (صلى الله عليه وآله وسلم) لانقطع ارتباط الآية بما يسبقها وما يلحقها بصورة كاملة، وكانت هذه الآية كالجملة المعترضة، يبدو للنظر أن التفسير الأول أصح.
هذا ولابد - ضمنا - من الالتفات إلى أن نظير هذه الآية مر في سورة البقرة الآية (49) مع فارق جدا بسيط، ولمزيد التوضيح راجع تفسير الآية (49) من سورة البقرة.
* * *