أحيانا في أن ينسب الحوادث إلى سلسلة من العلل الخرافية والخيالية ومنها الأصنام.
ومن جانب ثالث جهل الإنسان بما وراء الطبيعة، وقصور فكره إلى درجة أنه لا يرى ولا يؤمن إلا بالقضايا الحسية.
إن هذه الجهالات تضافرت وتعاضدت، وصارت على مدار التأريخ منشأ للوثنية وعبادة الأصنام، وإلا فكيف يمكن أن يأخذ إنسان واع فاهم عارف بالله وصفاته، عارف بعلل الحوادث، عارف بعالم الطبيعة وعالم بما بعد الطبيعة. قطعة من الصخر منفصلة من الجبل مثلا، فيستعمل قسما منها في بناء بيته، أو صنع سلالم منزله، ويتخذ قسما آخر معبودا يسجد أمامه، ويسلم مقدراته بيده.
والجدير بالذكر أننا نقرأ في كلام موسى (عليه السلام) في الآية الحاضرة كيف يقول لهم: أنتم غارقون في الجهل دائما، (لأن تجهلون فعل مضارع ويدل غالبا على الاستمرارية) وبخاصة أن متعلق الجهل لم يبين في الآية، وهذا يدل على عمومية المجهول وشموليته.
والأغرب من كل ذلك أن بني إسرائيل بقولهم اجعل لنا إلها أظهروا أن من الممكن أن يصير الشئ التافه ثمينا - بمجرد اختيارهم وجعلهم ووضع اسم الصنم والمعبود عليه - وتوجب عبادته التقرب إلى الله، وعدم عبادته البعد عنه تعالى، وتكون عبادته منشأ للخير والبركة، واحتقاره منشأ للضرر والخسارة، وهذه هي نهاية الجهل والغفلة.
صحيح أن مقصود بني إسرائيل لم يكن إيجاد معبود يكون خالق العالم، بل كان مقصودهم هو: إجعل لنا معبودا نتقرب بعبادته إلى الله، ويكون مصدرا للخير والبركة، ولكن هل يمكن أن يصير شئ فاقدا للروح والتأثير مصدرا للخيرات والتأثيرات بمجرد تسميته معبودا وإلها؟ هل الدافع لذلك العمل شئ سوى