عليه قائلا: " إنما اختلفنا عنه لا فيه، ولكنكم ما جفت أرجلكم من البحر حتى قلتم لنبيكم اجعل لنا إلها كما لهم آلهة، فقال إنكم قوم تجهلون ".
أي أننا اختلفنا في الأحاديث والأوامر التي وصلت إلينا عن نبينا، لا أننا اختلفنا حول النبي ونبوته، (فكيف بألوهية الله) ولكنكم ما إن خرجتم من مياه البحر إلا واقترحتم على نبيكم أن اجعل لنا آلهة كما للوثنيين آلهة، وقال موسى:
إنكم قوم تجهلون.
وفي الآية اللاحقة نقرأ أن موسى (عليه السلام) - لتكميل حديثه لبني إسرائيل - قال: إن هذه الجماعة الوثنية التي ترونها سينتهي أمرها إلى الهلاك، وإن عملهم هذا باطل لا أساس له إن هؤلاء متبر ما هم فيه وباطل ما كانوا يعملون.
فعمل هذه الجماعة باطل، وجهودهم غير منتجة، كما أن مصير مثل هؤلاء القوم وكل قوم وثنيين ومشركين هو الهلاك والدمار. (لأن " متبر " مشتقة من التبار أي الهلاك).
ثم تضيف الآية التوكيد: إن موسى (عليه السلام) قال أغير الله أبغيكم إلها وهو فضلكم على العالمين.
يعني إذا كان الدافع إلى عبادة الله هو حس الشكر، فجميع النعم التي ترفلون فيها هي من الله، وإذا كان الدافع للعبادة والعبودية كون هذه العبادة منشأ لأثر ما، فإن ذلك أيضا يرتبط بالله سبحانه، وعلى هذا الأساس مهما يكن الدافع، فليس سوى الله القادر المنان يصلح للعبادة ومستحقا لها.
وفي الآية اللاحقة يذكر القرآن الكريم إحدى النعم الإلهية الكبرى التي وهبها الله سبحانه لبني إسرائيل، ليبعث بالالتفات إلى هذه النعمة الكبرى حس الشكر فيهم، وليعلموا أن اللائق بالخضوع والعبادة هو الذات الإلهية المقدسة فحسب، وليس هناك أي دليل يسوغ لهم الخضوع أمام أصنام لا تضر ولا تنفع شيئا أبدا.