جماعة أخرى حتى يمكن للجماعة الأولى أن تستغل الجماعة الضعيفة في سبيل مآربها ومصالحها، غاية ما هنالك أن هناك تفاوتا بين هذه اللفظة ولفظة الاستعمار، وهو: أن الاستعمار ظاهره تعمير الأرض، وباطنه الإبادة والتدمير، ولكن الاستضعاف ظاهره وباطنه واحد.
والتعبير ب كانوا يستضعفون إشارة إلى الفرعونيين كانوا يستبقون بني إسرائيل في حالة ضعف دائمية: ضعف فكري، وضعف أخلاقي، وضعف اقتصادي، ومن جميع الجهات وفي جميع النواحي.
والتعبير ب مشارق الأرض ومغاربها إشارة إلى الأراضي الواسعة العريضة التي كانت تحت تصرف الفرعونيين، لأن الأراضي الصغيرة ليس لها مشارق ومغارب مختلفة، وبعبارة أخرى " ليس لها آفاق متعددة " ولكن الأراضي الواسعة جدا من الطبيعي أن يكون مشارق ومغارب بسبب كروية الأرض فيكون التعبير بمشارق الأرض ومغاربها كناية عن أراضي الفرعونيين الواسعة العريضة جدا.
وجملة باركنا فيها إشارة إلى الخصب العظيم الذي كانت تتمتع به هذه المنطقة - يعني مصر والشام - التي كانت تعد آنذاك، وفي هذا الزمان أيضا، من مناطق العالم الخصبة الكثيرة الخيرات. حتى أن بعض المفسرين كتب: إن بلاد الفراعنة في ذلك العصر كانت واسعة جدا بحيث كانت تشمل بلاد الشام أيضا.
وعلى هذا الأساس لم يكن المقصود من العبارة هو الحكومة على كل الكرة الأرضية، لأن هذا يخالف التاريخ حتما. بل المقصود هو حكومة بني إسرائيل على كل أراضي الفراعنة وبلادهم.
ثم يقول: وتمت كلمة ربك الحسنى على بني إسرائيل بما صبروا أي تحقق الوعد الإلهي لبني إسرائيل بانتصارهم على الفرعونيين، بسبب صبرهم وثباتهم.
وهذا هو الوعد الذي أشير إليه في الآيات السابقة (الآية 128 و 129 من نفس هذه السورة).