غير الرب المختلق، المصطنع، إنه الرب الحقيقي.
بل لم يكتفوا بلفظة " رب العالمين " أيضا، لأن فرعون كان يدعي أنه رب العالمين، لهذا أضافوا: " رب موسى وهارون " حتى يقطعوا الطريق على كل استغلال.
ولم يكن فرعون والملأ يتوقعون هذا الامر مطلقا، يعني أن الجماعة التي كان يعلق الجميع آمالهم عليها للقضاء على موسى ودعوته، أصبحت في الطليعة من المؤمنين بموسى ودعوته، ووقعوا ساجدين لله أمام أعين الناس عامة، وأعلنوا عن تسليمهم المطلق وغير المشروط لدعوة موسى (عليه السلام).
على أن هذا الموضوع الذي غير أناسا بمثل هذه الصورة، يجب أن لا يكون موضوع استغراب وتعجب، لأن نور الإيمان والتوحيد موجود في جميع القلوب، ويمكن أن تخفيه بعض الموانع والحجب الاجتماعية مدة طويلة أو قصيرة، ولكن عندما تهب بعض العواصف بين حين وآخر تنزاح تلك الحجب، ويتجلى ذلك النور ويأخذ بالابصار.
وبخاصة أن السحرة المذكورين كانوا أساتذة مهرة في صناعتهم، وكانوا أعرف من غيرهم بفنون عملهم ورموز سحرهم، فكانوا يعرفون - جيدا - الفرق بين " المعجزة " و " السحر " فالامر الذي يحتاج الآخرون لمعرفته إلى المطالعة الطويلة والدقة الكبيرة، كان واضحا عند السحرة وبينا، بل أوضح وأبين من الشمس في رابعة النهار.
إنهم مع معرفتهم بفنون ورموز السحر الذي تعلموه طوال سنوات، عرفوا وأدركوا أن عمل موسى لم يكن يشبه - أبدا - السحر، وأنه لم يكن نابعا من قدرة البشر، بل كان نابعا من قدرة فوق الطبيعة وفوق البشر، وبذلك لا مجال للاستغراب والتعجب في اعلانهم إيمانهم بموسى بمثل تلك السرعة والصراحة والشجاعة وعدم الخوف من المستقبل.