المعنى.
و " يأفكون " مشتقة من مادة " إفك " على وزن " مسك " وهي تعني في الأصل الانصراف: عن الشئ، وحيث أن الكذب يصرف الإنسان من الحق أطلق على الكذب لفظ " الإفك ".
وهناك احتمال آخر في معنى الآية ذهب إليه بعض المفسرين، وهو أن عصا موسى بعد أن تحولت إلى حية عظيمة لم تبتلع أدوات سحر السحرة، بل عطلها عن العمل والحركة وأعادها إلى حالتها الأولى. وبذلك أوصد هذا العمل طريق الخطأ على الناس، في حين أن الابتلاع لا يمكنه أن يقنع الناس بأن موسى لم يكن ساحرا أقوى منهم.
ولكن هذا الاحتمال لا يناسب جملة " تلقف " كما لا يناسب مطالب الآية، لأن " تلقف " - كما أسلفنا - تعني أخذ شئ بدقة وسرعة لا قلب الشئ وتغييره.
هذا مضافا إلى أنه لو كان المقرر أن يظهر إعجاز موسى (عليه السلام) عن طريق إبطال سحر السحرة، لم تكن حاجة إلى أن تتحول العصى إلى حية عظيمة، كما قال القرآن الكريم في بداية هذه القصة.
وبغض النظر عن كل هذا، لو كان المطلوب هو إيجاد الشك والوسوسة في نفوس المتفرجين، لكانت عودة وسائل السحرة وأدواتهم إلى هيئتها الأولى - أيضا - قابلة للشك والترديد، لأنه من الممكن أن يحتمل أن موسى بارع في السحر براعة كبرى بحيث أنه استطاع إبطال سحر الآخرين وإعادتها إلى هيئتها الأولى.
بل إن الذي تسبب في أن يعلم الناس بأن عمل موسى أمر خارق للعادة، وأنه عمل إلهي تحقق بالاعتماد على القدرة والإلهية المطلقة، هو أنه كان في مصر آنذاك مجموعة كبيرة من السحرة الماهرين جدا، وكان أساتذة هذا الفن وجوها معروفة في تلك البيئة، في حين أن موسى الذي لم يكن متصفا بأي واحدة من