الطبيعة.
ويجب أن لا ننسى أن جميع الحيوانات في عالم الطبيعة توجد من التراب، والأخشاب والنباتات هي الأخرى من التراب، غاية ما هنالك أن تبديل التراب إلى حية عظيمة يحتاج عادة إلى ملايين السنين، ولكن في ضوء الإعجاز تقصر هذه المدة إلى درجة تتحقق كل تلك التحولات والتكاملات في لحظة واحدة وبسرعة، فتتخذ القطعة من الخشب - التي تستطيع وفق الموازين الطبيعية أن تغير بهذه الصورة بعد مضي ملايين السنين - تتخذ مثل هذه الصورة في عدة لحظات.
والذين يحاولون أن يجدوا لمعاجز الأنبياء تفسيرات طبيعية ومادية - وينفوا طابعها الإعجازي، ويظهروها في صورة سلسلة من المسائل العادية مهما كانت هذه التفاسير مخالفة لصريح الكتب السماوية. إن هؤلاء يجب أن يوضحوا موقفهم: هل يؤمنون بالله وقدرته ويعتبرونه حاكما على قوانين الطبيعة، أم لا؟
فإذا كانوا لا يؤمنون به وبقدرته، لم يكن كلام الأنبياء ومعجزاتهم إلا لغوا لديهم.
وإذا كانوا مؤمنين بذلك، فما الداعي لنحت، مثل هذه التفسيرات والتبريرات المقرونة بالتكلف والمخالفة لصريح الآيات القرآنية. (وإن لم نر أحدا من المفسرين - على ما بينهم من اختلاف السليقة - عمد إلى هذا التفسير المادي، ولكن ما قلناه قاعدة كلية).
ثم إن الآية اللاحقة تشير إلى المعجزة الثانية للنبي موسى (عليه السلام) التي لها طابع الرجاء والبشارة، يقول تعالى: ونزع يده فإذا هي بيضاء للناظرين.
" نزع " تعني في الأصل أخذ شئ من مكان، مثلا أخذ العباءة من الكتف واللباس عن البدن يعبر عنه في اللغة العربية بالنزع فيقال: نزع ثوبه ونزع عباءته، وهكذا أخذ الروح من البدن يطلق عليه النزع. وبهذه المناسبة قد يستعمل في الاستخراج، وقد جاءت هذه اللفظة في الآية الحاضرة بهذا المعنى.
ومع أن هذه الآية لم يرد فيها أي حديث عن محل إخراج اليد، ولكن من