يثبت أن فرعون ونظراءه من أدعياء الربوبية يكذبون جميعا في ادعائهم، وأن رب العالمين هو الله فقط، لا فرعون ولا غيره من البشر.
وفي الآية اللاحقة نقرأ أن موسى عقيب دعوى الرسالة من جانب الله قال:
فالآن إذ أنا رسول رب العالمين ينبغي ألا أقول عن الله إلا الحق، لأن المرسل من قبل الله المنزه عن جميع العيوب لا يمكن أن يكون كاذبا حقيق علي أن لا أقول على الله إلا الحق.
ثم لأجل توثيق دعواه للنبوة، أضاف: أنا لا أدعي ما أدعيه من دون دليل، بل إن معي أدلة واضحة من جانب الله قد جئتكم ببينة من ربكم.
فإذا كان الأمر هكذا فأرسل معي بني إسرائيل.
وكان هذا في الحقيقة قسما من رسالة موسى بن عمران الذي حرر بني إسرائيل من قبضة الاستعمار الفرعوني، ووضع عنهم إصرهم وأغلال العبودية التي كانت تكبل أيديهم وأرجلهم، لأن بني إسرائيل كانوا في ذلك الزمان عبيدا أذلاء بأيدي القبطيين (أهالي مصر) فكانوا يستفيدون منهم في القيام بالأعمال السافلة والصعبة والثقلية.
ويستفاد من الآيات القادمة - وكذا الآيات القرآنية الأخرى بوضوح وجلاء أن موسى كان مكلفا بدعوة فرعون وغيره من سكان أرض مصر إلى دينه، يعني أن رسالته لم تكن منحصرة في بني إسرائيل.
فقال فرعون بمجرد سماع هذه العبارة - (أي قوله: قد جئتكم ببينة) - هات الآية التي معك من جانب الله إن كنت صادقا قال إن كنت جئت بآية فأت بها إن كنت من الصادقين.
وبهذه العبارة اتخذ فرعون - ضمن إظهار التشكيك في صدق موسى - هيئة الطالب للحق المتحري للحقيقة ظاهرا، كما يفعل أي متحر للحقيقة باحث عن الحق.