وهذا هو الدرس الذي يعطيه القرآن الكريم لجميع المسلمين، لإصلاح المجتمعات الإسلامية.
ثم يقول تعالى: فظلموا بها.
ونحن نعلم أن لفظ الظلم بالمعنى الواسع للكلمة هو: وضع الشئ في غير محلة، ولا شك في أن الآيات الإلهية توجب أن يسلم الجميع لها، وبقبولها يصلح الإنسان نفسه ومجتمعه، ولكن فرعون وملأه بإنكارهم لهذه الآيات ظلموا هذه الآيات.
ثم يقول تعالى في ختام الآية: فانظر كيف كان عاقبة المفسدين.
وهذه العبارة إشارة إجمالية إلى هلاك فرعون وقومه الطغاة المتمردين، الذي سيأتي شرحه فيما بعد.
وهذه الآية تشير إشارة مقتضبة إلى مجموع برنامج رسالة موسى، وما وقع بينه وبين فرعون من المواجهة وعاقبة أمرهم.
أما الآيات اللاحقة فتسلط الأضواء بصورة أكثر على هذا الموضوع.
فيقول أولا: وقال موسى يا فرعون إني رسول من رب العالمين.
وهذه هي أول مواجهة بين موسى وبين فرعون، وهي صورة حية وعملية من الصراع بين " الحق " و " الباطل ".
والطريف أن فرعون كأنه كان ينادى لأول مرة ب " يا فرعون " وهو خطاب رغم كونه مقرونا برعاية الأدب، خال عن أي نوع من أنواع التملق والتزلف وإظهار العبودية والخضوع، لأن الآخرين كانوا يخاطبونه عادة بألفاظ فيها الكثير من التعظم مثل: يا مالكنا، يا سيدنا، يا ربنا، وما شابه ذلك.
وتعبير موسى هذا، كان يمثل بالنسبة إلى فرعون جرس إنذار وناقوس خطر. هذا مضافا إلى أن عبارة موسى إني رسول من رب العالمين كانت - في الحقيقة - نوعا من إعلان الحرب على جميع تشكيلات فرعون، لأن هذا التعبير