العزيز، بل وخاضوا فيما ليس له ارتباط في تفسير القرآن الكريم إلا من بعيد، تضخيما لتفاسيرهم وتكثيرا لأجزائه، وتحميلا لكتاب الله ما لا يتحمله بعيدا عن مقاصده ومراداته، إعلاء لشأنهم وإظهارا لعلومهم، فشطوا عن الحق وعن أهداف القرآن العظيم في هداية الناس وإخراجهم من الظلمات إلى النور.
إن واجب المفسر لكتاب الله تعالى هو أن يستنطق آياته ويستنبط معانيه، ويغوص إلى أعماقه مستهديا بالقرآن العظيم وقرنائه، باحثا عن علومه وأنواره، ناشرا لمقاصده وأهدافه، مبينا لمرامه ومراده، كاشفا عن غوامضه وأسراره، سابرا لأعماقه وأغواره، وذلك بحسب قدرته وعون الله له وتوفيقه.
وحين يبتعد المفسر عن أهداف القرآن الكريم ويملأ تفسيره ببحوث قليلة الجدوى وأفكار لا ربط لها بمعاني القرآن السامية يصبح تفسيره موجبا للظلمة والحجاب مانعا للنور والهداية، فأين هذا التفسير من القرآن الذي انزل هدى للناس ونورا من الظلمات؟!
فالتفسير علم عظيم مشتمل على علوم وفنون كثيرة، ومستلزم لمقومات عديدة يجب على المفسر أن يتوفر عليها، وإلا فلا يقترب من هذا الحصن المنيع، وليدعه لأهله العلماء الربانيين والأولياء العرفاء الذين تسبق أعمالهم أقوالهم والذين أتعبوا لله أبدانهم، وأسهروا في طلب العلم لياليهم وقضوا فيه أعمارهم.
وهذا التفسير الماثل بين يديك، من التفاسير النادرة الحاوية على الفوائد العظيمة، والعلوم الكثيرة، والنكات العلمية المتنوعة،