والبرهان، بل والكشف والعرفان (1)، بل الأخبار والآثار (2) والوجدان، من أن يوم القيامة إذا كان معدوما فلا يكون عالم القبر برزخا، ضرورة أن البرزخية لا تتصور بين المعدوم والموجود، فقوله تعالى: * (ومن ورائهم برزخ إلى يوم يبعثون) * (3) دليل على ذلك.
مع أن القيامة من مظاهر الله تعالى، ومن العوالم الكلية، وتلك العوالم موجودة بالكلية وإنما الاختلاف في حوادثها ودليل ذلك الأخبار الكثيرة الواردة من الطرق المختلفة على مشاهدته (صلى الله عليه وآله وسلم) ليلة المعراج أحوال أهل الجنة والنار (4)، ولا يمكن ذلك إلا على نحو الكشف التام الملازم لوجود المكشوف في الأفق الخارج عن إحاطة كشفه، وإلا فهو من التخيل والرؤية في الخيال المتصل.
وأما توهم: أن الجزاء ليس موجودا والحساب ليس بالفعل، فيوم الدين أيضا ليس موجودا بالفعل.
فهو قابل للذب:
فأولا: لأن المراد هو مالكيته ليوم الجزاء بالفعل، ويوم الجزاء عنوان ذلك الظرف واليوم، ولا يراد منه معناه المصدري.
وثانيا: مقتضى البرهان الدقيق وأخبار المعراج، هو أن المتأخر في الوجود في كل مرتبة متقدم بحسب المرتبة الأخرى، وله الكينونة