السابقة - بالمالكية وما ضاهاها، وذلك لأن الذي يحمده الناس ويعظمونه إنما يكون حمده وتعظيمه لأحد الأمور الأربعة:
1 - إما لكونه كاملا لذاته وفي ذاته وصفاته، من غير انتظار إحسان منه إليهم.
2 - وإما لكونه محسنا إليهم ومتفضلا عليهم.
3 - وإما لأنهم يرجون لطفه وإحسانه في الاستقبال.
4 - وإما لأنهم يخافون من كمال قدرته، فكأنه سبحانه يقول: يا عبادي إن كنتم تحمدون وتعظمون للكمال الذاتي والصفاتي، فاحمدوني فإني أنا الله، وإن كان للإحسان والتربية والإنعام فإني أنا رب العالمين، وإن كان للرجاء والطمع في الآتي فإني أنا الرحمن الرحيم، وإن كان للخوف فإني أنا مالك يوم الدين. هكذا أفادوه في كتبهم التفسيرية على اختلاف عبائرهم (1).
ولا يخفى ما فيه مع لطفه.
وبتقريب منا: إنه لولا هذه الآية الأخيرة لما بقي للمسلمين سوق ولا للبلاد نظام، لأن تلك الرحمات والعواطف والرأفة والألطاف، توجب عصيان العباد وتجريهم على البلاد في الفساد والإفساد، فحسب القواعد البلاغية، لابد من ذكر غضبه وانتقامه وسخطه وملكيته ومالكيته هنا، حتى ترتعد منه الفرائص والعظام، وتخشع لديه القلوب والأفئدة، حتى يصان النظام ويحفظ الأنام تحت هذه البرقية العاجلة وبيمن تلك الآية الكريمة الإلهية، فهو في وجه يرجع إلى الرحمة الشاملة العامة،