وربما يقال (1): إن طلب الهداية عند قراءة قوله - عز من قائل -:
* (إهدنا الصراط المستقيم) * ونحوه في غيره، يستلزم المحذور العقلي، وهو تعدد المحكي مع وحدة الحاكي، لأن القراءة هي الحكاية عن اللفظ باللفظ المماثل، والإنشاء قصد ثبوت المعنى باللفظ، ولا يمكن استعمال اللفظ في اللفظ وفي المعنى.
وتوهم: أن المعنى يقصد من اللفظ الذي هو المعنى، كما في أسماء الأفعال عند جمع، فلا يلزم استعمال اللفظ الواحد في أكثر من معنى واحد، بل اللفظ الصادر من القارئ يستعمل أولا في اللفظ، والمعنى - وهو اللفظ الثاني - يراد منه المعنى الإنشائي.
غير صحيح.
بل أوضح استحالة من الأول، ضرورة أن الاستعمال إما بمعنى الإعلام والتفهيم، أو بمعنى إيجاد المعنى باللفظ وإخطاره، أو بمعنى إفناء اللفظ في المعنى، والكل هنا غير متصور، لأن تلك الألفاظ الفانية قبل هذا الاستعمال لا تليق بذلك.
اللهم إلا أن يقال: إن الاستعمال هو الاستثمار والانتفاع من علق اللفظ والعلاقات الاعتبارية الثابتة بين الألفاظ والمعاني، فلا مانع من استفادة المتكلم من الألفاظ السابقة التي وجدت في كلام الغير أو في كلام نفسه.
وهذا هو أحد الوجوه في معنى الاستخدام، فإن اللفظ الذي له معنيان، قد اطلق أولا وأريد منه معنى، ثم بعد إرجاع الضمير يراد من ذلك اللفظ - وهو