اسجدوا للرحمن قالوا وما الرحمن أنسجد...) * (1).
فإن السؤال - وخصوصا بكلمة الموصول لغير ذوي العقول - يشهد على أن المخاطبين في مكة المكرمة كانوا لا يعرفون هذه الكلمة.
وأما ما قاله ابن الحصار، وكأنه (رحمه الله) لم يقرأ الآية الأخرى * (وهم يكفرون بالرحمن) * (2)، فهو غريب، لأنه في سورة الرعد، وهي مدنية، ولا منع من اشتهارها بعد الاستعمال في السورة المكية، وقد استعملت ستة عشر مرة في سورة مريم وهي مكية.
والذي هو الجواب: أن كلمة " الرحمن " كانت في الجاهلية معهودة بين الشعراء، وقد اشتهر مسيلمة بالرحمن، وكانت تسمي بها، فلا يمكن أن يكون الاستفهام في الآية على معناه الحقيقي، والظاهر أنه في مقام أن الناس في هذا الموقف من الرذالة، فإذا قيل لهم: اسجدوا للرحمن، قالوا:
وما الرحمن؟ وإلا فلا واقعية لهذه القصة، ولا يكون من يسأل عن ذلك بين المشركين أو الكافرين.
ومن تلك الأشعار ما حكي عن سلامة بن جندل الطهوري:
عجلتم عليه قد عجلنا عليكم * وما يشأ الرحمن يعقد ويطلق وعن الشنفري:
ألا ضربت تلك الفتاة هجينها * ألا ضرب الرحمن ربي يمينها (3)