وأما شعر جرير:
ومسحكم صلبهم رخمان قربانا فهو لا يشهد على هذه المسألة، كما سيظهر وجهه.
والذي هو المقطوع به - حسب اللغة والاستعمال - أن هذه الكلمة كانت معهودة في الاستعمالات العربية، وقد حكي عن بعض شعراء السلف وجودها في أشعارهم (1)، وهذا لا ينافي كون " الرخمان " - بالخاء - عبرانيا، فإنه كثيرا ما يتفق اشتراك الملل المختلفة في اللغة الواحدة من غير أخذ واحد منهم عن الآخر، ولسنا منكرين وجود كلمات غير عربية في الكتاب العزيز، كما أنكره جمع، كالشافعي وابن جرير وأبي عبيدة والقاضي أبي بكر وابن فارس، حتى قيل: هو مختار الأكثر (2)، بل ننكر عبرانية كلمة " الرحمن " في البسملة وفي سائر موارد الكتاب.
فبالجملة: لا شاهد على تلك المقالة، ولو أقيمت الأدلة على أنها ليست مشتقة - كما هو مختار جمع - فهي لا تستدعي عبرانيتها، لإمكان التفكيك، ولا يظهر من الذين ينكرون اشتقاقها أن يريدوا إثبات عبرانيتها، كما أن الفرار من التكرار لا يورث هذا المختار. فما عن أبي العباس، غير مقبول جدا، ولا أعرفه، فإنه كنية مشتركة بين جماعة كثيرة.
ويمكن الاستدلال لعدم معهودية هذه الكلمة في عصر القرآن بين الأعراب في تلك الأمصار بقوله تعالى في سورة الفرقان: * (وإذا قيل لهم