أخرى مشتملة على بيان الرموز والإشارات.
أما الأولى: فربما تكون ناظرة إلى أن كيفية نزول الوجود ليس مثل كيفية نزول سائر الأشياء، بل هو في النزول يشبه نزول النور من الشمس في وجه تخيلي، وهو أن المنزلة الأولى من النور الساطع، هي تمام الأنوار اللاحقة عليها والمتأخرة عنها، فإذا صدر النور الأول، يصح أن يقال: بالنور الأول صدر الوجود كله والأنوار كلها، لانطواء ما دونها فيه، فإذا تكلم الحق - جل اسمه - في خلق السماوات والأرض والملكوت الأدنى والأعلى، فلابد أن يتكلم باسمه الشريف، كما أمر عباده بذلك. فبمجرد ظهوره بالكلام الوجودي المناسب له لا يبقى الوجود المتأخر، بل يوجد كل المتأخرات بأول الظهور وبأول التجلي، وهو التجلي الذي في كلامه المسموع والمقروء يكون الباء، فالباء في الكلام النفسي والذهني والعقلي - حسب اختلاف آفاق الموجودات المتوسطة، كجبرئيل وغيره - هو الباء في المتجلي الأول العيني، فإذا تجلى فبأول تجلياته القيومية صدر كل شئ، وجف القلم بما هو كائن، فعلى هذا يصح أن يقال: بالباء ظهر الوجود.
وحيث إن الوجود لا امتياز له - لأن صرف الشئ لا يتكرر - فالامتياز بالأمر الآخر، وهو الماهية أو الإمكان الفقري، وبمثابة ذلك الباء، فإنها لا تمتاز عن التاء والثاء إلا بالنقطة، فبها ظهر الوجود، وبالنقطة تميز العابد عن المعبود، وإذا نظرنا إلى الوجود فلا يحكم عليه