إلا بالوجوب، وإذا اعتبر فيه التنازل والتشكيك يحصل العنوان المقابل للوجود، وهو الإمكان الفقري أو العقل والماهية أو النور المضاف، فكل ذلك هي حقيقة الإنسانية التي عبر عنها الأمير (عليه السلام): ب " أنا نقطة تحت الباء " حسب ما نسب إليه. والله العالم.
وأما الثانية: فقد تقرر في محله: أن كل شئ في كل شئ، وقد ذكرنا في تباليقنا على الإلهيات من الأسفار (1): أن هناك ثلاث قواعد:
الأولى: قاعدة الكل في الكل، وهي قاعدة طبيعية.
والثانية: قاعدة كل شئ فيه معنى كل شئ، وهي قاعدة تستعمل في علم الأسماء والعرفان.
والثالثة: قاعدة كل شئ في كل شئ، وهي قاعدة تستعمل في الفلسفة العليا.
والنظر في الثانية إلى أن جميع الأشياء بقضها وقضيضها ومن صدرها إلى ذيلها، مظهر جميع الأسماء، ولا يشذ عن الوجودات الخارجية اسم من الأسماء، وكل الأشياء على العموم الاستغراقي مستجمع لمقتضيات جميع الأسماء الإلهية، وإنما الاختلاف في الظهور والبطون.
وهذه القاعدة مبرهنة في الفلسفة العليا بالقاعدة الثالثة وهو:
أن بعد القول بأن الوجود أصيل، وهو أصل كل كمال وجمال، وأن التشكيك فيه خاصي، فلا يكون في الوجود مرتبة إلا وهو جامع لجميع الكمالات