واختلفت آراء أهل الفنون في الخصوصيات المذكورة، وهذا الاختلاف ناشئ من عظمة تأثير هذا الحرف بأشكاله، وكأنه ذو آثار في مختلف الأوفاق والأرقام، ولا يتمكن من تنظيمها، ولعل إليه يرجع ما كان بين أمير المؤمنين (عليه السلام)، وبين ابن عباس في البقيع في خصوص حرف الباء، حسب الرواية السابقة. والله العالم.
ولبقراط الحكيم كلام في خصوصها، وينتهي إلى أنه: إن جعلت هذا الحرف وبسطته بمركبه العددي، ثم أخذت أعداد ذلك المركب وقد اخذ بسطه، وتنزله في مثلث على قليل من طين لم تمسسه النار، ثم استخرج منها مستنقطاتها، وأقسم على ذلك الملك على " 7 " ورماها في بئر ذهب ماؤه... إلى آخر كلامه (1).
وبالجملة: هو باطن الألف، وقيل: هو سر الوجود، وتصريفها قائم إلى يوم القيامة، وإشارة إلى جميع العوالم، علويها وسفليها، وقد شرف الله حرف الباء، وجعلها أول البسملة وأول صحيفة آدم وللمسميات (2).
وقد اعتقد بعض سلاك هذه الطريقة: أن الله تبارك وتعالى لما أنزل القرآن على النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)، قال له جبرائيل: إقرأ يا محمد باسم ربك، فكانت الباء مضمرة الذات والصفات، تضمر الذات بسر التجلي، وتضمر الصفات بسر الأفعال، ولما خلق الله الباء خلق معها (24) ملكا، تحت يد كل ملك ما شاء الله من الملائكة يسبحون الله تعالى، ولأجل ذلك كانت مفتاحا