عليه محمد بن عبد الله قريشا، يقول الله في كتابه، (لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة لمن كان يرجو الله واليوم الآخر)، فبعث إليهم علي بن أبي طالب رضي الله عنه عبد الله بن عباس، فخرجت معه حتى إذا توسطنا عسكرهم قام ابن الكواء فخطب الناس، فقال: يا حملة القرآن إن هذا عبد الله بن عباس فمن لم يكن يعرفه، فأنا أعرفه من كتاب الله هذا، من نزل فيه وفي قومه (بل هم قوم خصمون)، فردوه إلى صاحبه ولا تواضعوه كتاب الله عز وجل، قال: فقام خطباؤهم فقالوا: والله لنواضعنه كتاب الله، فإذا جاءنا بحق نعرفه اتبعناه، ولئن جاءنا بالباطل لنبكتنه بباطله، ولنردنه إلى صاحبه، فواضعوه على كتاب الله ثلاثة أيام، فرجع منهم أربعة آلاف كلهم تائب، فأقبل بهم ابن الكواء حتى أدخلهم على علي رضي الله عنه، فبعث علي إلى بقيتهم فقال: قد كان من أمرنا وأمر الناس ما قد رأيتم، قفوا حيث شئتم حتى تجتمع أمة محمد (صلى الله عليه وسلم) وتنزلوا فيها حيث شئتم، بيننا وبينكم أن نقيكم رماحنا ما لم تقطعوا سبيلا وتطلبوا دما، فإنكم إن فعلتم ذلك، فقد نبذنا إليكم الحرب على سواء، إن الله لا يحب الخائنين، فقالت عائشة رضي الله عنها: يا ابن شداد فقد قتلهم، فقال: والله ما بعث إليهم حتى قطعوا السبيل، وسفكوا الدماء وقتلوا ابن خباب، واستحلوا أهل الذمة، فقالت: آلله؟ قلت: الله الذي لا إله إلا هو لقد كان، قالت:
فما شئ بلغني عن أهل العراق يتحدثون به يقولون: ذو الثدي ذو الثدي؟
قلت: قد رأيته ووقفت عليه مع علي رضي الله عنه في القتلى، فدعا الناس فقال: هل تعرفون هذا؟ فما أكثر من جاء يقول: قد رأيته في مسجد بني فلان يصلى، ورأيته في مسجد بني فلان يصلي، فلم يأتوا بثبت يعرف إلا ذلك، قالت: فما قول علي حين قام عليه كما يزعم أهل العراق؟ قلت: سمعته يقول: صدق الله ورسوله، قالت: فهل سمعت أنت منه قال غير ذلك؟
قلت: اللهم لا، قالت: أجل صدق الله ورسوله، يرحم الله عليا، إنه من كلامه كان لا يرى شيئا يعجبه إلا قال: صدق الله ورسوله ".
وقال الحاكم:
" صحيح على شرط الشيخين ". ووافقه الذهبي.