عليه، لأن تضعيفه مفسر بسوء الحفظ، عند جماعة منهم الدارقطني، فهو جرح مفسر، يجب تقديمه على التوثيق باتفاق علماء الحديث، كما هو مشروح في " علم المصطلح " ثم هو مطلق يشمل روايته عن عبيد الله وغيره، وهو ظاهر كلام البخاري، هذا هو التحقيق الذي ينتهي إليه الباحث في أقوال العلماء في الرجل، وقد لخص ذلك الحافظ ابن حجر نفسه أحسن تلخيص كما هي عادته في " التقريب "، فقال:
" صدوق سيىء الحفظ ".
فأطلق تجريحه كما فعل الجماعة، ولم يقيد كما فعل الساجي.
وهذا هو الحق الذي لا يمكن للعالم المنصف المتجرد أن يلخص سواه من أقوال الأئمة السابقة، ولو كان المتكلم فيه من رجال البخاري، أو ممن وثقه، فكيف وهو قد ضعفه كما تقدم.
وأما القول بأن من روى له البخاري فقد جاوز القنطرة، فهو مما لا يلتفت إليه أهل التحقيق كأمثال الحافظ العسقلاني، ومن له اطلاع لا بأس به على كتابه " التقريب " يعلم صدق ما نقول.
والثاني: هب أن التحقيق ا لمذكور سالم من النقد، فالإشكال لا يزال واردا بالنسبة للبخاري، إلا أن يقال: إن قوله: " ما حدث الحميدي عن يحيى ابن سليم، فهو صحيح " مما لا مفهوم له. وهذا بعيد كما ترى. والله أعلم.
وخلاصة القول: أن هذا الإسناد ضعيف، وأحسن أحواله أن يحتمل التحسين، وأما التصحيح، فهيهات.
(تنبيه) *: وقع للحافظ في هذا الحديث وهمان:
الأول: قوله في " بلوغ المرام ":
" رواه مسلم ". ولم يخرجه إطلاقا، والظاهر أنه سبق قلم منه رحمه الله.