الزندقة هو الخروج عن الشريعة باطنا مع أنه يؤيدها ظاهرا وهذا دليل صريح على أن القدرية المذمومة هم النافون للقدر، لا المثبتون له (ثم يخرجون منه) أي من هذا الابتداع الناشئ عن ترك الاتباع (إلى الزندقة) وهي الخروج عن الشريعة، باطنا، مع انقيادها ظاهرا. (فإذا لقيتموهم فلا تسلموا عليهم) والظاهر أنهم إن سلموا علينا، لا يستحقوا الرد زجرا عليهم. فإن المبتدعة شر من الفسقة، وكان فرض الكفاية يسقط لأعذار شرعية كما يدل عليه قوله: " وإن مرضوا، فلا تعودوهم، وإن ماتوا فلا تشيعوهم " ومن جملة التشييع، الصلاة عليهم، وحضور دفنهم (فإنهم شيعة الدجال) أي أشياعه، وأتباعه، أو مقدمته (ومجوس هذه الأمة) أي أمة الدعوة، أو الإجابة، بناء على خلاف في كفرهم.
وإنما شبهوا بالمجوس، لأن المجوس يقول بإلهين، وهم يقولون: بأن أفعال العباد مستقلة لهم، فكأنهم يقولون بتعدد الآلهة، لأن الله سبحانه وتعالى، وهو المنفرد، بأنه فعال لما يريد، ولا خالق سواه، هل من خالق غير الله (حق على الله) أي ثابت في حكمه أو واجب عليه بمقتضى أخباره، إذ لا خلف في وعده ووعيده (أن يلحقهم) أي القدرية (بهم) أي بالمجوس (في النار) ولو لم يكونوا مخلدين فيها كما يشير إليه الإلحاق، فإن النار أعدت للكافرين بالأصالة، وللفاجرين بالتبعية.
والأحاديث في ذم القدرية من المعتزلة وغيرهم من أهل البدعة، مشهورة، وفي كتب الحديث مسطورة.