الأسباب المزيلة للضرر ثلاثة وعند الجمهور: التداوي مأذون فيه، لا مندوب، ولا يدعو إليه، وتحقيق الكلام فيه، أن الأسباب المزيلة للضرر ثلاثة: مقطوع به كالماء والخبز لدفع الجوع والعطش، فتركه حرام، وأحسن يتوكل فإذا أخر الأكل قادرا حتى مات جوعا، مات عاصيا، كالذي يقتل نفسه. وموهوم كالكي والرقى بالأدعية المأذون فيها، فشرط التوكل الكامل، تركه كما وصف منه رسول الله صلى الله عليه وسلم المتوكلين في حديث السفين، فقد روي عمران بن حصين رضي الله تعالى عنه: أعقل: فلم يزالوا به حين اكتووا، فقال: كنت أرى نورا، وأسمع صوتا وتسلم علي الملائكة، فلما اكتويت، انقطع عني. ثم أناب إلى ربه، وتاب، فرد الله عليه ما كان يجد من تلك، برفع الحجاب.
ومظنون، كالفصد والحجامة، وشرب المسهل، وما في أبواب الطب من معالجة الحرارة بالبرودة. وسائر الأضداد وفعله غير مناقض، بخلاف الموهوم، وفعله غير مأمور به، كالمقطوع، لكنه مأذون غير واجب لعدم القطع، حتى إذا مات ولم يعالج بهذه المظنون، لا يأثم، لكنه لا ينافي التوكل في الجملة.
وفي الحديث المشهور: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ما مررت بملأ من الملائكة إلا قالوا: مر أمتك بالحجامة، فإنه لا فرق بين أجداع آلام الملك من الآمات، وفزع الحية والعقرب. من نحن الشاب، وبين صب الماء على الحريق الواقع في المسكن، وصب الماء البارد على الحرارة الغالبة في البدن، لأن الأول مقطوع فرض، والثاني مأذون مظنون. فاندفع الموهوم، ولكن هذا آخر الكلام في آخر حديث رويناه عن الإمام.
وإنما أطلنا بيان المعنى في المتين، لاحتياج أكثر الأنام إلى تحقيق هذا المقام. وكان رضي الله عنه مشتغلا باستخراج المسائل من الأحاديث في الدلائل،