وفي رواية: إخلاصه أن يحجزه عن محارم الله تعالى، وأما آخره، فقد رواه أحمد والترمذي وابن ماجة، والحاكم، عن عمر ولفظه: " لو أنكم تتوكلون على الله حق توكله، يرزقكم كما يرزق الطير تغدو خماصا وتروح بطانا ".
ورواه البيهقي عنه بلفظ: " توكلون على الله حق توكله، لرزقت كما يرزق الطير، تغذوا خماصا وتروح بطانا.
وورد في حديث صحيح برواية الشيخين وغيرهما عن جماعة من الصحابة من ألفاظ مختلفة أن سبعين ألفا يدخلون الجنة بغير حساب، هم الذين لا يسترقون ولا يتطيرون ولا يكتوون ويؤيده قوله عليه السلام: لا تقتلوا الجراد فإنه جند الله الأعظم، رواه الطبراني وعلى ربهم يتوكلون.
التوكل نوعان قال الكردري:
التوكل نوعان: الأول، وهو سكون النفس إلى ما سبق في القضاء بلا مبالاة لفوات نفع، أو دفع ضرر والاضطراب، وعدم مساواة الوصول والحرمان عنده بنفي وجود هذا النوع من التوكل، وكذلك الميل إلى الأسباب، والاشتغال بها يدفع هذا النوع إليه، أشاد عليه السلام بقوله: " لو توكلتم على الله حق توكله " لأن من المعلوم أن الطير لا يلتفت إلى حصول نفع ودفع ضرر، لا يبالي بالوصول، والحرمان. والتوكل فقال: لو كنتم على صفة غير مبال بنيل أو فوات، وكنتم متوكلين حق التوكل أدركتم فأقسم لكم من غير حرث ولا زرع.
وهذا هو المندوب المدعو إليه، والثاني، وهو مأذون في غير المدعو إليه، وهو ما يكون لرفع الضرر والمكاره، فإنه أيضا توكل، إلا أنه ناقص، ألا ترى أن عمر قال لما قال النبي صلى الله عليه وسلم عن الطير: " أرسل ناقتي أم أقيد، وأتوكل، قال: لا بل قيد وتوكل ".
فإن كان يريد بالتوكل التحرز من الآفات والبلاء، لا السكون إلى ما سبق من القضاء، فأمره النبي صلى الله عليه وسلم بالنوع الذي وقع فيه المشورة إذ المستشار مؤتمن، ومثله ما