وفي المواهب اللدنية، لما نزل صلى الله عليه وسلم بسرف خرج إلى أصحابه، فقال: من لم يكن معه هدي، وأحب أن يجعلها عمرة، فليفعل - ومن كان معه هدي فلا.
وحاضت عائشة فخرج عليها صلى الله عليه وسلم وهي تبكي، فقال: ما يبكيك يا هنتاه؟ قالت:
سمعت قولك لأصحابك، فطمثت العمرة، قال: وما شأنك؟ قالت: لا أصلي، قال: فلا يضرك، إنما أنت امرأة من بنات آدم، كتب الله عليك ما كتب عليهن، فكوني في حجك، فعسى الله أن يرزقكيها، أي العمرة، رواه البخاري ومسلم وأبو داود والنسائي.
وفي رواية قالت: خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يذكر إلا الحج حين جئنا بسرف، فطمثت، فدخل علي رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا أبكي، فقال: ما يبكيك؟ فقالت: والله إني لوددت أني لم أكن خرجت العام، فقال: مالك، لعلك نفثت، أي حضت، قلت: نعم، قال: هذا شئ كتبه الله على ابن آدم، فافعلي ما يفعل الحاج، غير أن لا تطوفي بالبيت حتى تطهري، " الحديث ".
وقد اختلف فيما أحرمت به عائشة، كما اختلف، هل كانت متمتعة، أم مفردة؟ أم قارنة؟ وإذا كانت متمتعة، فقيل إنها أولا أحرمت بالحج، هو ظاهر الحديث، لكن في حجة الوداع من المغازي عند البخاري من طريق هشام بن عروة، عن أبيه، قالت: وكنت فيمن أهل بعمرة، وزاد أحمد من وجه آخر، ولم أسق هديا، وهذا يقوي قول الكوفيين أن عائشة تركت العمرة وحجت مفردة، وتمسكوا في ذلك بقوله عليه الصلاة والسلام لها: " دعي عمرتك ".
وفي رواية: ارفضي عمرتك لمسلم، أمسكي، أي عن عمرتك.
وفي رواية: اقضي عمرتك، وقد استدل الكوفيون بذلك على أن للمرأة إذا أهلت بالعمرة متمتعة، فحاضت قبل أن تطوف أن تترك العمرة وتهل بالحج مفردة، كما صنعت عائشة.