رضي الله عنه، قال: أتي رسول الله صلى الله عليه وسلم) أي جئ (بأرنب) بفتح الهمزة والنون، وهو حيوان يشبه العناق، قصير اليدين، طويل الرجلين، وهو اسم جنس، يقع على الذكر والأنثى، فأمر أصحابه، فأكلوا، فيه تنبيه على أنه أتي مطبوخا، وليس فيه ما يدل صريحا على أنه عليه الصلاة والسلام ما أكله، لكن رواه أبو داود في سننه من حديث خالد بن الحويرث، عن عبد الله بن عمر، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال في الأرنب: إنها تحيض، وخالد بن الحويرث قال ابن مسعود: لا أعرفه.
وذكره ابن حبان في الثقات، ولا يعرف له إلا هذا الحديث.
ويؤيده أنه روى البيهقي عن ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم جئ له بأرنب، فلم يأكلها، ولم ينه عنها، وزعم أنها تحيض، انتهى، والظاهر أن ضمير زعم، لابن عمر، فتدبر، ولو صح امتناعه عليه الصلاة والسلام عن أكله بمقتضى طبعه فحيث أمر أصحابه بأكله دل على أنه حلال في أصله (وقال للذي جاء بها: ما لك) أي أي مانع لك حال كونك (لا تأكل منها) بمقتضى الطبع، أو لمانع من الشرع (قال:
إني صائم، قال: وما صومك) أي فرض بقضاء، أو نذر، أو غيرهما (قال:
تطوع) أي هو نافلة، وكان في غير الأيام الفاضلة، (قال: فهذا) أي اخترت (البيض) أي أيامها، باعتبار لياليها المقمرة، من الثلاث عشر والأربع عشر والخمسة عشر، وفيه ترغيب الأفضل والأكمل فتأمل.
واعلم أن أكل الأرنب يحل عند العلماء كافة، إلا ما حكي عن عبد الله بن عمرو بن العاص، وابن أبي ليلى، أنهما كرها أكلها، وحجة الجمهور ما رواه الجماعة، عن أنس، قال: أنفخنا أرنبا بمر الظهران، فسعى القوم عليها فغلبوا،