وهذا يشير إلى علو همته، ورفعة مرتبته، حيث أراد قرب المولى بوسيلة المصطفى.
وفي رواية أبي عبد الله، وأحمد، والترمذي، والنسائي، وابن حزيم، وابن أبي داود، وابن الأنباري معا، في المصحف وعبد الرزاق، وابن حبان، والدارقطني في الأفراد، وابن عساكر، وابن نعيم في الحلية، وأبي يعلى عن قيس ابن مروان أنه أتى عمر، فقال: جئت يا أمير المؤمنين من الكوفة وتركت بها رجلا يملي المصاحف من ظهر قلبه، فغضب، وانتفخ حتى كاد يملأ ما بين شفتي الرجل، فقال: ومن هو ويحك؟ قلت: عبد الله بن مسعود، فقال: فما زال يطفأ ويسر عنه الغضب حتى عاد إلى حاله التي كان عليها، ثم قال: ويحك، والله ما أعلم بقي من الناس أحد هو أعلم بذلك منه، وسأحدثك عن ذلك: " كان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يزال يسمر عند أبي بكر الليلة كذلك في الأمر من أمر المسلمين، وأنه سمر عنده ذات ليلة وأنا معه، فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم، وخرجنا معه، فإذا رجل قائم يصلي في المسجد، فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم يسمع قراءته، فلما كدنا أن نعرفه، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " من سره أن يقرأ القرآن رطبا كما أنزل، فليقرأ على قراءة ابن أم عبد " ثم جلس الرجل يدعو فجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " سل تعط، قلت: والله لأغدون إليه فلأبشرنه، فغدوت إليه لأبشره فوجدت أبا بكر قد سبقني إليه، فبشره والله ما سابقته إلى خير إلا سبقني إليه ".
ورواه ابن عساكر، عن كميل، قال: قال عمر بن الخطاب: كنت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومعه أبو بكر، ومن شاء الله، فمررنا بعبد الله بن مسعود وهو يصلي، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من هذا الذي يقرأ؟ فقيل له: هذا عبد الله بن أم عبد، فقال: إن عبد الله يقرأ القرآن غضا كما أنزل، فأثنى عبد الله على ربه وحمده كأحسن ما أثنى عبد على ربه، ثم سأله، فاحتجى المسألة، وسأله كأحسن مسألة سألها عبد ربه، ثم قال: اللهم إني أسألك إيمانا لا يرتد، ويقينا لا ينفد، ومرافقة محمد صلى الله عليه وسلم في أعلى عليين في جنات الخلد، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: سل تعطه، فانطلقت لأبشره، فوجدت أبا بكر قد سبقني، وكان سباقا بالخير.
قال ابن عساكر: وهذا غريب، والمحفوظ عن عمر ما تقدم أول، واشتهر