وفي رواية للبخاري قال: بأبي أنت وأمي لا يجمع الله عليك موتتين، اما الموتة التي كنت عليها فقد متها، (ثم خرج أبو بكر فقال: يا أيها الناس من كان يعبد محمدا فإن محمدا قد مات) أي فليس له إله فهو كافر وفيه تعريض للمنافقين، (ومن كان يعبد رب محمد) في دين اليقين كالمؤمنين المخلصين، (فإن رب محمد) تعالى شأنه وعظم برهانه (لا يموت)، فإن حياته أزلية أبدية، (ثم قرأ:
(وما محمد إلا رسول) أي عبد أوحي إليه الحق، وبعثه إلى الخلق (قد خلت من قبله الرسل) أي مضوا وماتوا فيمضي ويموت مثلهم، كما أشار إليه تعالى:
(وما جعلنا لبشر من قبلك الخلد أفإن مت فهم الخالدون كل نفس ذائقة الموت).
فالموت كأس وكل الناس شاربه والقبر باب وكل الناس داخله (أفإن مات) أي محمد على فراش السعادة (أو قتل) على سبيل الشهادة (انقلبتم على أعقابكم) الجملة محط همزة الإنكار، أي أرجعتم إلى ما ورائكم من الكفر، (ومن ينقلب على عقبيه) أي بارتداده، (فلن يضر الله شيئا)، فإنما يضر نفسه، (وسيجزي الله الشاكرين) على إيمانهم وإيقانهم وإحسانهم.
زاد البخاري فضج الناس يبكون (قال): أي أنس (فقال عمر: لكأنا) بتشديد النون (لم نقرأها) أي هذه الآية (قبلها)، أي قبل تلك الحالة (قط)، أي أبدا (فقال الناس مثل مقالة أبي بكر) من كرم السابق وقراءته اللاحق.