مستحب وقال جماعة إنه واجب قال الحافظ في شرح حديث غسل الجمعة واجب على كل محتلم ما لفظه واستدل بقوله واجب على فرضية غسل الجمعة وقد حكاه ابن المنذر عن أبي هريرة وعمار بن ياسر وغيرهما وهو قول أهل الظاهر وإحدى الروايتين عن أحمد وحكاه ابن حزم عن عمر وجمع جم من الصحابة ومن بعدهم ثم ساق الرواية عنهم لكن ليس فيها عن أحد منهم التصريح بذلك إلا نادرا وإنما اعتمد في ذلك على أشياء محتملة كقول سعد ما كنت أظن مسلما يدع غسل يوم الجمعة انتهى (فلو علما) أي عمر وعثمان رضي الله عنهما (أن أمره على الوجوب لا على الاختيار لم يترك عمر عثمان حتى يرده ويقول له ارجع فاغتسل ولما خفي على عثمان ذلك ومع علمه إلخ) هذا تقرير الاستدلال وزاد بعضهم في هذا التقرير أن من حضر من الصحابة وافقوهما على ذلك فكان إجماعا منهم وأجيب عنه بأن قصة عمر وعثمان هذه تدل على وجوب الغسل يوم الجمعة لا على عدم وجوبه من جهة ترك عمر الخطبة واشتغاله بمعاتبة عثمان وتوبيخ مثله على رؤوس الناس فلو كان ترك الغسل مباحا لما فعل عمر ذلك وإنما لم يرجع عثمان للغسل لضيق الوقت إذ لو فعل لفاتته الجمعة وإنما تركه عثمان لأنه كان ذاهلا عن الوقت مع أنه يحتمل أن يكون قد اغتسل في أول النهار لما ثبت في صحيح مسلم عن حمران أن عثمان لم يكن يمضي عليه يوم حتى يفضي عليه الماء.
وتعقب هذا الجواب بأن عمر رضي الله عنه عاتب عثمان وأنكر عليه ترك السنة المذكورة في هذا الحديث وهي التبكير إلى الجمعة فيكون الغسل كذلك قلت قد جاء في هذا الباب أحاديث مختلفة بعضها يدل على أن الغسل يوم الجمعة واجب وبعضها يدل على أنه مستحب والظاهر عندي أنه سنة مؤكدة وبهذا يحصل الجمع بين الأحاديث المختلفة والله تعالى أعلم