قوله (من غير رخصة) كسفر (ولا مرض) أي مبيح للإفطار من عطف الخاص على العام (لم يقض عنه صوم الدهر كله) أي صومه فالإضافة بمعنى في نحو مكر الليل وكله للتأكيد (وإن صامه) أي ولو صام الدهر كله قال الطيبي أي لم يجد فضيلة الصوم المفروض بصوم النفل وإن سقط قضاؤه بصوم يوم واحد وهذا على طريق المبالغة والتشديد ولذلك أكده بقوله وإن صامه أي حق الصيام قال ابن الملك وإلا فالإجماع على أنه يقضي يوما مكانه وقال ابن حجر وما اقتضاه ظاهره أن صوم الدهر كله بينة القضاء عما أفطره من رمضان لا يجزئه قال به علي وابن مسعود والذي عليه أكثر العلماء يجزئه وإن كان ما أفطره في غاية الطول والحر وما صامه بدله في غاية القصر والبرد كذا في المرقاة قلت قال البخاري في صحيحه ويذكر عن أبي هريرة رفعه من أفطر يوما في رمضان من غير عذر ولا مرض لم يقضه صيام الدهر وإن صامه وبه قال ابن مسعود وقال سعيد بن المسيب وابن جبير وإبراهيم وقتادة وحماد يقضي يوما مكانه انتهى وذكر الحافظ في الفتح من وصل هذه الآثار قال وصله يعني أثر ابن مسعود للطبراني والبيهقي بإسناد لهما عن عرفجة قال قال عبد الله بن مسعود من أفطر يوما في رمضان متعمدا من غير علة ثم قضى طوال الدهر لم يقبل منه وبهذا الاسناد عن علي مثله انتهى وقال أبو هريرة بمثل قول ابن مسعود رضي الله عنه كما سيجئ فظهر أن ما ادعى ابن الملك من أن الاجماع على أنه يقضي يوما مكانه ليس بصحيح قوله (حديث أبي هريرة رضي الله عنه حديث لا نعرفه إلا من هذا الوجه) أخرجه أصحاب السنن الأربعة وصححه ابن خزيمة من طريق سفيان الثوري وشعبة كلاهما عن حبيب بن أبي ثابت عن عمارة بن عمير عن أبي المطوس عن أبيه عن أبي هريرة قوله (وسمعت محمدا يقول أبو المطوس اسمه يزيد بن المطوس ولا أعرف له غير هذا الحديث) وقال البخاري في التاريخ تفرد أبو المطوس بهذا الحديث ولا أدري سمع أبوه من أبي هريرة أم لا قال الحافظ في الفتح واختلف فيه على حبيب بن أبي ثابت اختلافا كثيرا
(٣٤١)