فإن قلت روى مالك بلاغا أن ابن عمر كان يسأل هل يصوم أحد عن أحد أو يصلي أحد عن أحد فيقول لا يصوم أحد عن أحد ولا يصلي أحد عن أحد ففيه ما يمنع الصيام قلت قد جاء عن ابن عمر خلاف ذلك كما ذكره البخاري تعليقا وسيجئ فاختلف قوله على أنه موقوف أيضا والحديث الصحيح أولى بالاتباع واستدلوا أيضا بما روى النسائي في الكبرى بإسناد صحيح عن ابن عباس قال لا يصلي أحد عن أحد ولا يصوم أحد عن أحد وبما روي عن عائشة أنها سئلت عن امرأة ماتت وعليها صوم قالت يطعم عنها وعن عائشة قالت لا تصوموا عن موتاكم وأطعموا عنهم أخرجه البيهقي قالوا فلما أفتى ابن عباس وعائشة بخلاف ما روياه دل ذلك على أن العمل على خلاف ما روياه وفيه أن هذا الاستدلال أيضا مخدوش أما أولا فلأنه جاء عن ابن عباس خلاف ذلك فروى ابن أبي شيبة بسند صحيح سند ابن عباس عن رجل مات وعليه نذر فقال يصام عنه النذر وفي صحيح البخاري تعليقا أمر ابن عمر امرأة جعلت أمها على نفسها صلاة فقال صلى عنها وقال ابن عباس نحوه قال ابن عبد البر والنقل في هذا عن ابن عباس مضطرب قال الحافظ في الفتح ويمكن الجمع بحمل الاثبات في حق من مات والنفي في حق الحي انتهى وأما أثر عائشة الأول فليس فيها ما يمنع الصيام وأما أثرها الثاني فضعيف جدا كما صرح به الحافظ في الفتح وأما ثانيا فلأن الراجح أن المعتبر ما رواه الصحابي لا ما رآه كما تقرر في مقره تنبيه ذكر الترمذي في هذا الباب قولين وفيه قول ثالث وهو أنه يجوز للولي أن يصوم عن الميت إذا مات وعليه صوم أي صوم كان قال الحافظ في الفتح قد اختلف السلف في هذه المسألة فأجاز الصيام عن الميت أصحاب الحديث وهو قول أبي ثور وجماعة من محدثي الشافعية وقال البيهقي في الخلافيات هذه المسألة ثابتة لا أعلم خلافا بين أهل الحديث في صحتها فوجب العمل بها ثم ساق بسنده إلى الشافعي كل ما قلت وصح عن النبي صلى الله عليه وسلم خلافه فخذوا بالحديث ولا تقلدوني ثم ذكر الحافظ القولين اللذين ذكرهما الترمذي قلت هذا القول الثالث الذي قال به أهل الحديث هو الراجح المعول عليه عندي يدل عليه حديث ابن عباس وحديث بريدة وحديث عائشة وهذه الأحاديث الثلاثة قد تقدمت في الباب المتقدم
(٣٣٥)