عن جابر قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفر فرأى زحاما ورجلا قد ظلل عليه فقال ما هذا قالوا صائم فقال ليس من البر الصوم في السفر ترجم البخاري في صحيحه باب قول النبي صلى الله عليه وسلم لمن ظلل عليه واشتد الحر ليس من البر الصوم في السفر قال الحافظ أشار بهذه الترجمة إلى أن سبب قوله صلى الله عليه وسلم ليس من البر الصيام في السفر ما ذكر من المشقة وأن من روى الحديث مجردا فقد اختصر القصة إنتهى قوله (واختلف أهل العلم في الصوم في السفر الخ) قال الحافظ في فتح الباري وقد اختلف السلف في هذه المسألة فقالت طائفة لا يجزئ الصوم في السفر عن الفرض بل من صام في السفر وجب عليه قضاؤه في الحضر لظاهر قوله تعالى فعدة من أيام أخر ولقوله صلى الله عليه وسلم ليس من البر الصيام في السفر ومقابلة البر الاثم وإذا كان آثما بصومه لم يجزئه وهذا قول بعض أهل الظاهر وحكي عن عمر وابن عمر وأبي هريرة والزهري وإبراهيم النخعي وغيرهم واحتجوا بقوله تعالى ومن كان مريضا أو على سفر فعدة من أيام أخر قالوا ظاهره فعليه عدة أو فالواجب عدة وتأوله الجمهور بأن التقدير فأفطر فعدة ومقابل هذا القول قول من قال إن الصوم في السفر لا يجوز لمن خاف على نفسه الهلاك والمشقة الشديدة حكاه الطبري عن قوم وذهب أكثر العلماء ومنهم مالك والشافعي وأبو حنيفة إلى أن الصوم أفضل لمن قوي عليه ولم يشق عليه وقال كثير منهم الفطر أفضل عملا بالرخصة وهو قول الأوزاعي وأحمد وإسحاق وقال آخرون هو مخير مطلقا وقال آخرون أفضلهما أيسرهما لقوله تعالى يريد الله بكم اليسر فإن كان الفطر أيسر عليه فهو أفضل في حقه وإن كان الصيام أيسر كمن يسهل عليه حينئذ ويشق عليه قضاؤه بعد ذلك فالصوم في حقه أفضل وهو قول عمر بن عبد العزيز واختاره ابن المنذر والذي يترجح قول الجمهور ولكن قد يكون
(٣٢٥)