قوله (وأمروها بلا كيف) بصيغة الأمر من الامرار أي أجردها على ظاهرها ولا تعرضوا لها بتأويل ولا تحريف بل فوضوا الكيف إلى الله سبحانه وتعالى (وهكذا قول أهل العلم من أهل السنة والجماعة) وهو الحق والصواب وقد صنف الحافظ الذهبي في هذا الباب كتابا سماه كتاب العلو للعلي الغفار في إيضاح صحيح الأخبار وسقيمها وهو كتاب مفيد نفيس نافع جدا ذكر في أوله عدة من آيات الاستواء والعلو ثم قال فإن أحببت يا عبد الله الانصاف فقف مع نصوص القرآن والسنة ثم انظر ما قاله الصحابة والتابعون وأئمة التفسير في هذه الآيات وما حكوه من مذاهب السلف إلى أن قال فإننا على اعتقاد صحيح وعقد متين من أن الله تعالى تقدس اسمه لا مثل له وأن إيماننا بما ثبت من نعوته كإيماننا بذاته المقدسة إذ الصفات تابعة للموصوف فنعقل وجود الباري ونميز ذاته المقدسة عن الأشباه من غير أن نعقل الماهية فكذلك القول في صفاته نؤمن بها ونتعقل وجودها ونعلمها في الجملة من غير أن نتعقلها أو نكيفها أو نمثلها بصفات خلقه تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا فالاستواء كما قال مالك الامام وجماعة معلوم والكيف مجهول ثم ذكر الذهبي الأحاديث الواردة في العلو واستوعبها مع بيان صحتها وسقمها ثم ذكر بعد سرد الأحاديث أقوال كثير من الأئمة وحاصل الأقوال كلها وهو ما قال إن إيماننا بما ثبت من نعوته كإيماننا بذاته المقدسة إلخ ونقل عن الوليد بن مسلم قال سألت الأوزاعي ومالك بن أنس وسفيان الثوري والليث بن سعد عن الأحاديث التي فيها الصفات فكلهم قالوا لي أمروها كما جاءت بلا تفسير وإن شئت تفاصيل تلك الأقوال فارجع إلى كتاب العلو قوله (وأما الجهمية فأنكرت هذه الروايات إلخ) قال الحافظ في مقدمة الفتح الجهمية من ينفي صفات الله تعالى التي أثبتها الكتاب والسنة ويقول القران مخلوق (وقالوا هذا تشبيه) وذهبوا إلى وجوب تأويلها (فتأولت الجهمية هذه الآيات وفسروها على غير ما فسر أهل العلم) فتفسيرهم هذه الآيات ليس إلا تحريفا لها فالحذر الحذر عن تأويلهم وتفسيرهم (وقالوا إن الله
(٢٦٧)