يقول الذي أخرجه لأبي يوسف هو مالك انتهى وذكر الحافظ الزيلعي رواية الدارقطني المذكورة وقال بعد ذكرها قال صاحب التنقيح إسناده مظلم وبعض رجاله غير مشهورين والمشهور ما أخرجه البيهقي عن الحسين بن الوليد القرشي وهو ثقة قال قدم علينا أبو يوسف رحمه الله من الحج فقال إني أريد أن أفتح عليكم بابا من العلم أهمني ففحصت عنه فقدمت المدينة فسألت عن الصاع فقال صاعنا هذا صاع رسول الله صلى الله عليه وسلم قلت لهم ما حجتكم في ذلك فقالوا نأتيك بالحجة غدا فلما أصبحت أتاني نحو من خمسين شيخا من أبناء المهاجرين والأنصار مع كل رجل منهم صاع تحت ردائه كل رجل منهم يخبر عن أبيه وأهل بيته أن هذا صاع رسول الله صلى الله عليه وسلم فنظرت فإذا هي سواء قال عيرته فإذا خمسة أرطال وثلث بنقصان يسير فرأيت أمرا قويا فتركت قول أبي حنيفة رضي الله تعالى عنه في الصاع وأخذت بقول أهل المدينة هذا هو المشهور من قول أبي يوسف رحمه الله وقد روي أن مالكا رضي الله تعالى عنه ناظره واستدل عليه بالصيعان التي جاء بها أولئك الرهط فرجع أبي يوسف إلى قوله وقال عثمان بن سعيد الدارمي سمعت علي بن المديني يقول عيرت صاع النبي صلى الله عليه وسلم فوجدته خمسة أرطال وثلث رطل بالتمر انتهى كلامه كذا في نصب الراية قلت ظهر بهذا كله أن الحق أن صاع النبي صلى الله عليه وسلم كان خمسة أرطال وثلث رطل وكان الصحابة رضي الله تعالى عنهم بهذا الصاع النبوي يخرجون زكاة الفطر في عهده صلى الله عليه وسلم وأما صاع أهل الكوفة فهو خلاف صاع النبي صلى الله عليه وسلم ولم يكن يخرج زكاة الفطر في عهد النبي صلى الله عليه وسلم ولا في عهد الصحابة رضي الله عنهم بصاع أهل الكوفة فالصاع الشرعي هو الصاع النبوي دون غيره وأما حديث الدارقطني عن أنس رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يتوضأ بالمد رطلين ويغتسل بالصاع ثمانية أرطال فضعيف والحديث في الصحيحين عن أنس ليس فيه ذكر الوزن وكذا حديثه عن عائشة رضي الله عنها جرت السنة من رسول الله صلى الله عليه وسلم في الغسل من الجنابة صاع من ثمانية أرطال وفي الوضوء رطلان ضعيف وكذا حديث ابن عدي عن جابر رضي الله عنه بمثل حديث أنس المذكور ضعيف صرح الحافظ بضعف هذه الأحاديث في الدراية وأما ما روى أبو عبيد عن إبراهيم النخعي قال كان صاع النبي صلى الله عليه وسلم ثمانية أرطال ومده رطلين فهو مرسل وفيه الحجاج بن أرطأة قال الحافظ وقال وأصح من ذلك ما أخرجه البخاري
(٢١٤)