قوله (أمر النبي صلى الله عليه وسلم ببناء المساجد في الدور) فسر سفيان بن عيينة الدور بالقبائل كما في الرواية الآتية وقال في المرقاة هو جمع دار وهو اسم جامع للبناء والعرصية والمحلة والمراد المحلات فإنهم كانوا يسمون المحلة التي اجتمعت فيها قبيلة دارا أو محمول على اتخاذ بيت في الدار للصلاة كالمسجد يصلي فيه أهل البيت قاله ابن الملك والأول هو المعول وعليه العمل وحكمة أمره لأهل كل محلة ببناء مسجد فيها أنه قد يتعذر أو يشق على أهل محلة الذهاب للأخرى فيحرمون أجر المسجد وفضل إقامة الجماعة فيه فأمروا بذلك ليتيسر لأهل كل محلة العبادة في مسجدهم من غير مشقة تلحقهم وقال البغوي قال عطاء لما فتح الله تعالى على عمر رضي الله عنه الأمصار أمر المسلمين ببناء المساجد وأمرهم أن لا يبنوا مسجدين يضار أحدهما الاخر ومن المضارة فعل تفريق الجماعة إذا كان هناك مسجد يسعهم فان ذاك سن توسعته أو اتخاذ مسجد يسعهم انتهى ما في المرقاة (وأن تنظف) بالتاء والياء بصيغة المجهول أي تطهر كما في رواية ابن ماجة والمراد تنظيفها من الوسخ والدنس والنتن والتراب (وتطيب) بالتاء والياء أي بالرش أو العطر ويجوز أن يحمل التطييب على التجمير في المسجد قال في المرقاة قال ابن حجر وبه يعلم أنه يستحب تجمير المسجد بالبخور خلافا لمالك حيث كرهه فقد كان عبد الله يجمر المسجد إذا قعد عمر رضي الله عنه على المنبر واستحب بعض السلف التخليق بالزعفران والطيب وروى عنه عليه السلام فعله وقال الشعبي هو سنة وأخرج ابن أبي شيبة أن ابن الزبير لما بنى الكعبة طلى حيطانها بالمسك وأنه يستحب أيضا كنس المسجد وتنظيفه وقد روى ابن أبي شيبة أنه عليه السلام كان يتبع غبار المسجد بجريدة انتهى ما في المرقاة قوله (وهذا) أي هذا الحديث المرسل بغير ذكر عائشة (أصح من الحديث الأول) لأن في سنده عامر بن صالح وهو ضعيف وقد تفرد بروايته مرفوعا والحديث أخرجه أيضا أبو
(١٦٨)