يلف في ضميره أمرا ويظهر غيره وكأنه قال ذلك لما رأى من فساد بعض النساء في ذلك الوقت وحملته على ذلك الغيرة فقال أي ابن عمر (فعل الله بك وفعل) وفي رواية بلال عند مسلم فأقبل عليه عبد الله فسبه سبا سيئا ما سمعته يسبه مثله قط وفسر عبد الله بن هبيرة في رواية الطبراني السب المذكور باللعن ثلاث مرات وفي رواية زائدة عن الأعمش فانتهره وقال أف لك وإنما أنكر عليه ابن عمر بمخالفة الحديث وأخذ منه تأديب المعترض على السنن برأيه وعلى العالم بهواه وتأديب الرجل ولده وإن كان كبيرا إذا تكلم بما لا ينبغي له وجواز التأديب بالهجران فقد وقع في رواية ابن أبي نجيح عن مجاهد عند أحمد فما كلمه عبد الله حتى مات وهذا إن كان محفوظا يحتمل أن يكون أحدهما مات عقب هذه القصة كذا في الفتح قوله (وفي الباب عن أبي هريرة وزينب امرأة عبد الله بن مسعود وزيد بن خالد) أما حديث أبي هريرة فأخرجه أحمد وأبو داود مرفوعا بلفظ لا تمنعوا إماء الله مساجد الله وليخرجن تفلات وأخرجه أيضا ابن خزيمة وأما حديث زينب فأخرجه مسلم بلفظ إذا شهدت إحداكن المسجد فلا تمس طيبا وأما حديث زيد بن خالد فأخرجه ابن حبان بمثل حديث أبي هريرة قوله (حديث ابن عمر حديث حسن صحيح) وأخرجه البخاري مختصرا ومسلم مطولا فائدة اعلم أن صلاة المرأة في بيتها أفضل من صلاتها في المسجد ومع هذا لو استأذنت للصلاة إلى المسجد لا تمنع بل تؤذن لكن لا مطلقا بل بشروط قد وردت في الأحاديث قال النووي في شرح مسلم قوله صلى الله عليه وسلم لا تمنعوا إماء الله مساجد الله هذا وشبهه من أحاديث الباب ظاهر في أنها لا تمنع المسجد لكن بشروط ذكرها العلماء مأخوذة من الأحاديث وهي أن لا تكون مطيبة ولا متزينة ولا ذات خلاخل يسمع صوتها ولا ثياب فاخرة ولا مختلطة بالرجال ولا شابة ونحوها ممن يفتتن بها وأن لا يكون في الطريق ما يخاف به مفسدة ونحوها وهذا النهي عن منعهن من الخروج محمول على التنزيه إذا كانت المرأة ذات زوج أو سيد ووجدت الشروط المذكورة فإن لم يكن لها زوج ولا سيد حرم المنع إذا وجدت الشروط انتهى كلام النووي
(١٣٠)