معنى يليق به وقد يعبر عن الشئ بسببه أو ثمرته الحاصلة عنه فان من فرح بشئ جاد لفاعله بما سأل وبذل له ما طلب فعبر عن عطاء الباري وواسع كرمه بالفرح وقال ابن أبي جمرة كنى عن إحسان الله للتائب وتجاوزه عنه بالفرح لان عادة الملك إذا فرح بفعل أحد أن يبالغ في الاحسان إليه وقال القرطبي في المفهم هدا مثل قصد به بيان سرعة قبول الله توبة عبده التائب وأنه يقبل عليه بمغفرته ويعامله معاملة من يفرح بعمله ووجه هذا المثل أن العاصي حصل بسبب معصية في قبضة الشيطان وأسره وقد أشرف على الهلاك فإذا لطف الله به ووفقه للتوبة خرج من شؤم تلك المعصية وتخلص من أسر الشيطان ومن المهلكة التي أشرف عليها فأقبل الله عليه بمغفرته وبرحمته وإلا فالفرح الذي هو من صفات المخلوقين محال على الله تعالى لأنه اهتزاز وطرب يجده الشخص من نفسه عند ظفره بغرض يستكمل به نقصانه ويسد به خلته أو يدفع به عن نفسه ضررا أو نقصا وكل ذلك محال على الله تعالى فإنه الكامل بذاته الغني بوجوده الذي لا يلحقه نقص ولا قصور لكن هذا الفرح له عندنا ثمرة وفائدة وهو الاقبال على الشئ المفروح به واحلاله المحل الاعلى وهذا هو الذي يصح في حقه تعالى فعبر عن ثمرة الفرح بالفرح على طريقة العرب في تسمية الشئ باسم ما جاوره أو كان منه بسبب وهذا القانون جار في جميع ما أطلقه الله تعالى على صفة من الصفات التي لا تليق به وكذا ما ثبت بذلك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم (قوله و به مهلكة) كذا في الروايات التي وقفت عليها من صحيح البخاري بواو مفتوحة ثم موحدة خفيفة مكسورة ثم هاء ضمير ووقع عند الإسماعيلي في رواية أبي الربيع عن أبي شهاب بسند البخاري فيه بدوية بموحدة مكسورة ودال مفتوحة ثم واو ثقيلة مكسورة ثم تحتانية مفتوحة ثم هاء تأنيث وكذا في جميع الروايات خارج البخاري عند مسلم وأصحاب السنن والمسانيد وغيرهم وفي رواية لمسلم في أرض دوية مهلكة وحكى الكرماني انه وقع في نسخة من البخاري وبيئة وزن فعيلة من الوباء ولم أقف أنا على ذلك في كلام غيره ويلزم عليه أن يكون وصف المذكر وهو المنزل بصفة المؤنث في قوله وبيئة مهلكة وهو جائز على إرادة البقعة والدوية هي القفر والمفازة وهي الداوية باشباع الدال ووقع كذلك في رواية لمسلم وجمعها داوي قال الشاعر * أروع خراج من الداوي * (قوله مهلكة) فتح الميم واللام بينهما هاء ساكنة يهلك من حصل بها وفي بعض النسخ بضم الميم وكسر اللام من الرباعي أي تهلكي هي من يحصل بها (قوله عليها طعامه وشرابه) زاد أبو معاوية عن الأعمش وما يصلحه أخرجه الترمذي وغيره (قوله وقد ذهبت راحلته) في رواية أبي معاوية فأضلها فخرج في طلبها وفي رواية جرير عن الأعمش عند مسلم فطلبها (قوله حتى إذا اشتد عليه الحر والعطش أو ما شاء الله) شك من أبي شهاب واقتصر جرير على ذكر العطش ووقع في رواية أبي معاوية حتى إذا أدركه الموت (قوله قال أرجع) بهمزة قطع بلفظ المتكلم (قوله إلى مكاني فرجع فنام) في رواية جرير أرجع إلى مكاني الذي كنت فيه فأنام حتى أموت فوضع رأسه على ساعده ليموت وفي رواية أبي معاوية أرجع إلى مكاني الذي أضللتها فيه فأموت فيه فرجع إلى مكانه فغلبته عينه (قوله فنام نومة ثم رفع رأسه فإذا راحلته عنده) في رواية جرير فاستيقظ وعنده راحلته عليها زاده طعامه وشرابه وزاد أبو معاوية في روايته وما يصلحه (قوله تابعه أبو عوانة) هو الوضاح وجرير هو ابن عبد الحميد (عن الأعمش) فأما متابعة أبي عوانة فوصلها
(٩٠)