وتكون تأخرت حتى أدركها عطاء وقصتها مغايرة لقصة أم حرام من أوجه الأول أن في حديث أم حرام أنه صلى الله عليه وسلم لما نام كانت تفلي رأسه وفي حديث الأخرى أنها كانت تغسل رأسها كما قدمت ذكره من رواية أبي داود الثاني ظاهر رواية أم حرام أن الفرقة الثانية تغزو في البر وظاهر رواية الأخرى أنها تغزو في البحر الثالث أن في رواية أم حرام أنها من أهل الفرقة الأولى وفي رواية الأخرى أنها من أهل الفرقة الثانية الرابع أن في حديث أم حرام أن أمير الغزوة كان معاوية وفي رواية الأخرى أن أميرها كان المنذر بن الزبير الخامس أن عطاء بن يسار ذكر أنها حدثته وهو يصغر عن إدراك أم حرام وعن أن يغزو في سنة ثمان وعشرين بل وفي سنة ثلاث وثلاثين لان مولده على ما جزم به عمرو بن علي وغيره كان في سنة تسع عشرة وعلى هذا فقد تعددت القصة لام حرام ولأختها أم عبد الله فلعل إحداهما دفنت بساحل قبرس والاخرى بساحل حمص ولم أر من حرر ذلك ولله الحمد على جزيل نعمه وفي الحديث من الفوائد غير ما تقدم الترغيب في الجهاد والحض عليه وبيان فضيلة المجاهد وفيه جواز ركوب البحر الملح للغزو وقد تقدم بيان الاختلاف فيه وأن عمر كان يمنع منه ثم أذن فيه عثمان قال أبو بكر بن العربي ثم منع منه عمر بن عبد العزيز ثم أذن فيه من بعده واستقر الامر عليه ونقل عن عمر أنه انما منع ركوبه لغير الحج والعمرة ونحو ذلك ونقل ابن عبد البر أنه يحرم ركوبه عند ارتجاجه اتفاقا وكره مالك ركوب النساء مطلقا البحر لما يخشى من اطلاعهن على عورات الرجال فيه إذ يتعسر الاحتراز من ذلك وخص أصحابه ذلك بالسفن الصغار وأما الكبار التي يمكنهن فيهن الاستتار بأماكن تخصهن فلا حرج فيه وفي الحديث جواز تمني الشهادة وأن من يموت غازيا يلحق بمن يقتل في الغزو كذا قال ابن عبد البر وهو ظاهر القصة لكن لا يلزم من الاستواء في أصل الفضل الاستواء في الدرجات وقد ذكرت في باب الشهداء من كتاب الجهاد كثيرا ممن يطلق عليه شهيد وان لم يقتل وفيه مشروعية القائلة لما فيه من الإعانة على قيام الليل وجواز إخراج ما يؤذي البدن من قمل ونحوه عنه ومشروعية الجهاد مع كل امام لتضمنه الثناء على من غزا مدينة قيصر وكان أمير تلك الغزوة يزيد بن معاوية ويزيد يزيد وثبوت فضل الغازي إذا صلحت نيته وقال بعض الشراح فيه فضل المجاهدين إلى يوم القيامة لقوله فيه ولست من الآخرين ولا نهاية للآخرين إلى يوم القيامة والذي يظهر أن المراد بالآخرين في الحديث الفرقة الثانية نعم يؤخذ منه فضل المجاهدين في الجملة لا خصوص الفضل الوارد في حق المذكورين وفيه ضروب من أخبار النبي صلى الله عليه وسلم بما سيقع فوقع كما قال وذلك معدود من علامات نبوته منها اعلامه ببقاء أمته بعده وأن فيهم أصحاب قوة وشوكة ونكاية في العدو وأنهم يتمكنون من البلاد حتى يغزوا البحر وأن أم حرام تعيش إلى ذلك الزمان وانها تكون مع من يغزو البحر وأنها لا تدرك زمان الغزوة الثانية وفيه جواز الفرح بما يحدث من النعم والضحك عند حصول السرور لضحكه صلى الله عليه وسلم اعجابا بما رأى من امتثال أمته أمره لهم بجهاد العدو وما أثابهم الله تعالى على ذلك وما ورد في بعض طرقه بلفظ التعجب محمول على ذلك وفيه جواز قائلة الضيف في غير بيته بشرطه كالاذن وأمن الفتنة وجواز خدمة المرأة الأجنبية الضيف بإطعامه والتمهيد له ونحو ذلك وإباحة ما قدمته المرأة للضيف من مال زوجها لان الأغلب أن الذي في بيت المرأة هو من مال
(٦٥)