سالم بن عبد الله بن عمر عن أبيه وقوله يجلس في روايتنا بفتح أوله وضبطه أبو جعفر الغرناطي في نسخته بضم أوله على وزن يقام وقد ورد ذلك عن ابن عمر مرفوعا أخرجه أبو داود من طريق أبي الخصيب بفتح المعجمة وكسر المهملة آخره موحدة بوزن عظيم واسمه زياد بن عبد الرحمن عن ابن عمر جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقام له رجل من مجلسه فذهب ليجلس فنهاه رسول الله صلى الله عليه وسلم وله أيضا من طريق سعيد بن أبي الحسن جاءنا أبو بكرة فقام له رجل من مجلسه فأبى أن يجلس فيه وقال أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن ذا وأخرجه الحاكم وصححه من هذا الوجه لكن لفظه مثل لفظ ابن عمر الذي في الصحيح فكأن أبا بكرة حمل النهي على المعنى الأعم وقد قال البزار أنه لا يعرف له طريق إلا هذه وفي مسنده أبو عبد الله مولى أبي بردة بن أبي موسى وقيل مولى قريش وهو بصري لا يعرف قال ابن بطال اختلف في النهي فقيل للأدب وإلا فالذي يجب للعالم أن يليه أهل الفهم والنهي وقيل هو على ظاهره ولا يجوز لمن سبق إلى مجلس مباح أن يقام منه واحتجوا بالحديث يعني الذي أخرجه مسلم عن أبي هريرة رفعه إذا قام أحدكم من مجلسه ثم رجع إليه فهو أحق به قالوا فلما كان أحق به بعد رجوعه ثبت أنه حقه قبل أن يقوم ويتأيد ذلك بفعل ابن عمر المذكور فإنه راوي الحديث وهو أعلم بالمراد منه وأجاب من حمله على الأدب أن الموضع في الأصل ليس ملكه قبل الجلوس ولا بعد المفارقة فدل على أن المراد بالحقيقة في حالة الجلوس الأولوية فيكون من قام تاركا له قد سقط حقه جملة ومن قام ليرجع يكون أولى وقد سئل مالك عن حديث أبي هريرة فقال ما سمعت به وإنه لحسن إذا كانت أوبته قريبة وان بعد فلا أرى ذلك له ولكنه من محاسن الأخلاق وقال القرطبي في المفهم هذا الحديث يدل على صحة القول بوجوب اختصاص الجالس بموضعه إلى أن يقوم منه وما احتج به من حمله على الأدب لكونه ليس ملكا له لا قبل ولا بعد ليس بحجة لأنا نسلم أنه غير ملك له لكن يختص به إلى أن يفرغ غرضه فصار كأنه ملك منفعته فلا يزاحمه غيره عليه قال النووي قال أصحابنا هذا في حق من جلس في موضع من المسجد أو غيره لصلاة مثلا ثم فارقه ليعود إليه كإرادة الوضوء مثلا أو لشغل يسير ثم يعود لا يبطل اختصاصه به وله أن يقيم من خالفه وقعد فيه وعلى القاعد أن يطيعه واختلف هل يجب عليه على وجهين أصحهما الوجوب وقيل يستحب وهو مذهب مالك قال أصحابنا وإنما يكون أحق به في تلك الصلاة دون غيرها قال ولا فرق بين أن يقوم منه ويترك له فيه سجادة ونحوها أم لا والله أعلم وقال عياض اختلف العلماء فيمن اعتاد بموضع من المسجد للتدريس والفتوى فحكى عن مالك أنه أحق به إذا عرف به قال والذي عليه الجمهور أن هذا استحسان وليس بحق واجب ولعله مراد مالك وكذا قالوا في مقاعد الباعة من الأفنية والطرق التي هي غير متملكة قالوا من اعتاد بالجلوس في شئ منها فهو أحق به حتى يتم غرضه قال وحكاه الماوردي عن مالك قطعا للتنازع وقال القرطبي الذي عليه الجمهور أنه ليس بواجب وقال النووي استثنى أصحابنا من عموم قوله لا يقيمن أحدكم الرجل من مجلسه ثم يجلس فيه من ألف من المسجد موضعا يفتى فيه أو يقرئ فيه قرآنا أو علما فله أن يقيم من سبقه إلى القعود فيه وفي معناه من سبق إلى موضع من الشوارع ومقاعد الأسواق لمعاملة قال النووي وأما ما نسب إلى ابن عمر فهو ورع منه وليس قعوده فيه حراما إذا كان ذلك
(٥٤)