الهالكين انهم لا يرجعون إلى عذاب الله وقيل فيه أقوال أخر ليس هذا موضع استيعابها والأول أقوى وهو مراد المصنف بالترجمة والمطابق لما ذكر معه من الآثار والحديث (قوله معمر عن ابن طاوس) هو عبد الله (قوله عن ابن عباس ما رأيت شيئا أشبه باللمم مما قال أبو هريرة) فذكر الحديث ثم قال وقال شبابة حدثنا ورقاء هو ابن عمر عن ابن طاوس عن أبيه عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم فكأن طاوسا سمع القصة من ابن عباس عن أبي هريرة وكان سمع الحديث المرفوع من أبي هريرة أو سمعه من أبي هريرة بعد أن سمعه من ابن عباس وقد أشرت إلى ذلك في أوائل كتاب الاستئذان وبينت الاختلاف في رفع الحديث ووقفه ولم أقف على رواية شبابة هذه موصولة وكنت قرأت بخط مغلطاي وتبعه شيخنا ابن الملقن ان الطبراني وصلها في المعجم الأوسط عن عمرو بن عثمان عن ابن المنادى عنه وقلدتهما في ذلك في تعليق التعليق ثم راجعت المعجم الأوسط فلم أجدها (قوله باللمم) بفتح الكلام والميم هو ما يلم به الشخص من شهوات النفس وقيل هو مقارفة الذنوب الصغار وقال الراغب اللمم مقارفة المعصية ويعبر به عن الصغيرة ومحصل كلام ابن عباس تخصيصه ببعضها ويحتمل أن يكون أراد ان ذلك من جملة اللمم أو في حكم اللمم (قوله إن الله كتب علي ابن آدم) أي قدر ذلك عليه أو أمر الملك بكتابته كما تقدم بيانه في شرح حديث ابن مسعود الماضي قريبا (قوله أدرك ذلك لا محالة) بفتح الميم أي لا بد له من عمل ما قدر عليه أنه يعمله وبهذا تظهر مطابقة الحديث للترجمة قال ابن بطال كل ما كتبه الله على الادمي فهو قد سبق في علم الله والا فلا بد أن يدركه المكتوب عليه وان الانسان لا يستطيع أن يدفع ذلك عن نفسه الا أنه يلام إذا واقع ما نهى عنه بحجب ذلك عنه وتمكينه من التمسك بالطاعة فبذلك يندفع قول القدرية والمجبرة ويؤيده قوله والنفس تمنى وتشتهي لان المشتهى بخلاف الملجأ (قوله حظه من الزنا) إطلاق الزنا على اللمس والنظر وغيرهما بطريق المجاز لان كل ذلك من مقدماته (قوله فزنا العين النظر) أي إلى ما لا يحل للناظر (وزنا اللسان المنطق) في رواية الكشميهني النطق بضم النون بغير ميم في أوله (قوله والنفس تمنى) بفتح أوله على حذف إحدى التاءين والأصل تتمنى (قوله والفرج يصدق ذلك أو يكذبه) يشير إلى أن التصديق هو الحكم بمطابقة الخبر للواقع والتكذيب عكسه فكان الفرج هو الموقع أو الواقع فيكون تشبيها ويحتمل أن يريد ان الايقاع يستلزم الحكم بها عادة فيكون كناية قال الخطابي المراد باللمم ما ذكره الله في قوله تعالى الذين يجتنبون كبائر الاثم والفواحش الا اللمم وهو المعفو عنه وقال في الآية الأخرى ان تجتنبوا كبائر ما تنهون عنه نكفر عنكم سيئاتكم فيؤخذ من الآيتين ان اللمم من الصغائر وانه يكفر باجتناب الكبائر وقد تقدم بيان ذلك في الكلام على حديث من هم بحسنة ومن هم بسيئة في وسط كتاب الرقاق وقال ابن بطال تفضل الله على عباده بغفران اللمم إذا لم يكن للفرج تصديق بها فإذا صدقها الفرج كان ذلك كبيرة ونقل الفراء ان بعضهم زعم أن الا في قوله الا اللمم بمعنى الواو وأنكره وقال الا صغائر الذنوب فإنها تكفر باجتناب كبارها وانما أطلق عليها زنا لأنها من دواعيه فهو من إطلاق اسم المسبب على السبب مجازا وفي قوله والنفس تشتهي والفرج يصدق أو يكذب ما يستدل به على أن العبد لا يخلق فعل نفسه لأنه قد يريد الزنا مثلا ويشتهيه فلا يطاوعه العضو الذي يريد أن يزني به ويعجزه الحيلة فيه ولا يدري
(٤٤٠)