سعد بن هشام بشر برحمة الله ورضوانه وجنته وفي حديث حميد عن أنس ولكن المؤمن إذا حضر جاءه البشير من الله وليس شئ أحب إليه من أن يكون قد لقي الله فأحب الله لقاءه وفي رواية عبد الرحمن بن أبي ليلى ولكنه إذا حضر فاما إن كان من المقربين فروح وريحان وجنة نعيم فإذا بشر بذلك أحب لقاء الله والله للقائه أحب (قوله فليس شئ أحب إليه مما أمامه) بفتح الهمزة أي ما يستقبله بعد الموت وقد وقعت هذه المراجعة من عائشة لبعض التابعين فأخرج مسلم والنسائي من طريق شريح بن هانئ قال سمعت أبا هريرة فذكر أصل الحديث قال فاتيت عائشة فقلت سمعت حديثا إن كان كذلك فقد هلكنا فذكره قال وليس منا أحد الا وهو يكره الموت فقالت ليس بالذي تذهب إليه ولكن إذا شخص البصر بفتح الشين والخاء المعجمتين وآخره مهملة أي فتح المحتضر عينيه إلى فوق فلم يطرف وحشرج الصدر بحاء مهملة مفتوحة بعدها معجمة وآخره جيم أي ترددت الروح في الصدر واقشعر الجلد وتشنجت بالشين المعجمة والنون الثقيلة والجيم أي تقبضت وهذه الأمور هي حالة المحتضر وكأن عائشة أخذته من معنى الخبر الذي رواه عنها سعد بن هشام مرفوعا وأخرجه مسلم والنسائي أيضا عن شريح بن هانئ عن عائشة مثل روايته عن أبي هريرة وزاد في آخره والموت دون لقاء الله وهذه الزيادة من كلام عائشة فيما يظهر لي ذكرتها استنباطا مما تقدم وعند عبد بن حميد من وجه آخر عن عائشة مرفوعا إذا أراد الله بعبد خيرا قيض له قبل موته بعام ملكا يسدده ويوفقه حتى يقال مات بخير ما كان فإذا حضر ورأى ثوابه اشتاقت نفسه فذلك حين أحب لقاء الله وأحب الله لقاءه وإذا أراد الله بعبد شرا قيض له قبل موته بعام شيطانا فاضله وفتنه حتى يقال مات بشر ما كان عليه فإذا حضر ورأى ما أعد له من العذاب جزعت نفسه فذلك حين كره لقاء الله وكره الله لقاءه قال الخطابي تضمن حديث الباب من التفسير ما فيه غنية عن غيره واللقاء يقع على أوجه منها المعاينة ومنها البعث كقوله تعالى الذين كذبوا بلقاء الله ومنها الموت كقوله من كان يرجو لقاء الله فإن أجل الله لآت وقوله قل ان الموت الذي تفرون منه فإنه ملاقيكم وقال ابن الأثير في النهاية المراد بلقاء الله هنا المصير إلى الدار الآخرة وطلب ما عند الله وليس الغرض به الموت لان كلا يكرهه فمن ترك الدنيا وأبغضها أحب لقاء الله ومن آثرها وركن إليها كره لقاء الله لأنه انما يصل إليه بالموت وقول عائشة والموت دون لقاء الله يبين ان الموت غير اللقاء ولكنه معترض دون الغرض المطلوب فيجب أن يصبر عليه ويحتمل مشاقه حتى يصل إلى الفوز باللقاء قال الطيبي يريد أن قول عائشة انا لنكره الموت يوهم أن المراد بلقاء الله في الحديث الموت وليس كذلك لان لقاء الله غير الموت بدليل قوله في الرواية الأخرى والموت دون لقاء الله لكن لما كان الموت وسيلة إلى لقاء الله عبر عنه بلقاء الله وقد سبق ابن الأثير إلى تأويل لقاء الله بغير الموت الإمام أبو عبيد القاسم بن سلام فقال ليس وجهه عندي كراهة الموت وشدته لان هذا لا يكاد يخلو عنه أحد ولكن المذموم من ذلك إيثار الدنيا والركون إليها وكراهية أن يصير إلى الله والدار الآخرة قال ومما يبين ذلك أن الله تعالى عاب قوما بحب الحياة فقال إن الذين لا يرجون لقاءنا ورضوا بالحياة الدنيا واطمأنوا بها وقال الخطابي معنى محبة العبد للقاء الله ايثاره الآخرة على الدنيا فلا يحب استمرار الإقامة فيها بل يستعد للارتحال عنها والكراهة بضد ذلك وقال النووي معنى الحديث أن المحبة والكراهة
(٣١٠)