موقوفا فحكمه الرفع ومن طريق العوفي عن ابن عباس نحوه ومن طريق ابن مسعود قالا الآية التي يختم بها الأعمال طلوع الشمس من مغربها فهذه آثار يشد بعضها بعضا متفقة على أن الشمس إذا طلعت من المغرب أغلق باب التوبة ولم يفتح بعد ذلك وان ذلك لا يختص بيوم الطلوع بل يمتد إلى يوم القيامة ويؤخذ منها ان طلوع الشمس من مغربها أول الانذار بقيام الساعة وفي ذلك رد على أصحاب الهيئة ومن وافقهم ان الشمس وغيرها من الفلكيات بسيطة لا تختلف مقتضياتها ولا يتطرق إليها تغيير ما هي عليه قال الكرماني وقواعدهم منقوضة ومقدماتهم ممنوعة وعلى تقدير تسليمها فلا امتناع من انطباق منطقة البروج التي هي معدل النهار بحيث يصير المشرق مغربا وبالعكس واستدل صاحب الكشاف بهذه الآية للمعتزلة فقال قوله لم تكن آمنت من قبل صفة لقوله نفسا وقوله أو كسبت في ايمانها خيرا عطف على آمنت والمعنى أن اشراط الساعة إذا جاءت وهي آيات ملجئة للايمان ذهب أوان التكليف عندها فلم ينفع الايمان حينئذ من غير مقدمة ايمانها قبل ظهور الآيات أو مقدمة ايمانها من غير تقديم عمل صالح فلم يفرق كما ترى بين النفس الكافرة وبين النفس التي آمنت في وقته ولم تكتسب خيرا ليعلم أن قوله الذين آمنوا وعملوا الصالحات جمع بين قرينتين لا ينبغي أن تنفك إحداهما عن الأخرى حتى يفوز صاحبها ويسعد والا فالشقوة والهلاك قال الشهاب السمين قد أجاب الناس بأن المعنى في الآية أنه إذا أتى بعض الآيات لا ينفع نفسا كافرة ايمانها الذي أوقعته إذ ذاك ولا ينفع نفسا سبق ايمانها ولم تكسب فيه خيرا فقد علق نفي نفع الايمان بأحد وصفين اما نفي سبق الايمان فقط واما سبقه مع نفي كسب الخير ومفهومه أنه ينفع الايمان السابق وحده وكذا السابق ومعه الخير ومفهوم الصفة قوي فيستدل بالآية لمذهب أهل السنة ويكون فيه قلب دليل المعتزلة دليلا عليهم وأجاب ابن المنير في الانتصاف فقال هذا الكلام من البلاغة يلقب اللف وأصله يوم يأتي بعض آيات ربك لا ينفع نفسا لم تكن مؤمنة قبل ايمانها بعد ولا نفسا لم تكسب خيرا قبل ما تكتسبه من الخير بعد فلف الكلامين فجعلهما كلاما واحدا ايجازا وبهذا التقرير يظهر أنها لا تخالف مذهب أهل الحق فلا ينفع بعد ظهور الآيات اكتساب الخير ولو نفع الايمان المتقدم من الخلود فهي بالرد على مذهبه أولى من أن تدل له وقال ابن الحاجب في أماليه الايمان قبل مجئ الآية نافع ولو لم يكن عمل صالح غيره ومعنى الآية لا ينفع نفسا ايمانها ولا كسبها العمل الصالح لم يكن الايمان قبل الآية أو لم يكن العمل مع الايمان قبلها فاختصر للعلم ونقل الطيبي كلام الأئمة في ذلك ثم قال المعتمد ما قال ابن المنير وابن الحاجب وبسطه ان الله تعالى لما خاطب المعاندين بقوله تعالى وهذا كتاب أنزلناه مبارك فاتبعوه الآية علل الانزال بقوله أن تقولوا انما أنزل الكتاب الخ إزالة للعذر والزاما للحجة وعقبة بقوله فقد جاءكم بينة من ربكم وهدى ورحمة تبكيتا لهم وتقريرا لما سبق من طلب الاتباع ثم قال فمن أظلم ممن كذب الآية أي انه أنزل هذا الكتاب المنير كاشفا لكل ريب وهاديا إلى الطريق المستقيم ورحمة من الله للخلق ليجعلوه زادا لمعادهم فيما يقدمونه من الايمان والعمل الصالح فجعلوا شكر النعمة أن كذبوا بها ومنعوا من الانتفاع بها ثم قال هل ينظرون الآية أي ما ينتظر هؤلاء المكذبون الا أن يأتيهم عذاب الدنيا بنزول الملائكة بالعقاب الذي يستأصل شأفتهم كما جرى لمن مضى من الأمم
(٣٠٧)