والمغيث من كتبهم أن يقولوا بوجوبها في التشهد لتقدم ذكره في آخر التشهد لكن لهم أن يلتزموا ذلك لكن لا يجعلونه شرطا في صحة الصلاة وروى الطحاوي أن حرملة انفرد عن الشافعي بايجاب ذلك بعد التشهد وقبل سلام التحلل قال لكن أصحابه قبلوا ذلك وانتصروا له وناظروا عليه انتهى واستدل له ابن خزيمة ومن تبعه بما أخرجه أبو داود والنسائي والترمذي وصححه وكذا ابن خزيمة وابن حبان والحاكم من حديث فضالة بن عبيد قال سمع النبي صلى الله عليه وسلم رجلا يدعو في صلاته لم يحمد الله ولم يصل على النبي فقال عجل هذا ثم دعاه فقال إذا صلى أحدكم فليبدأ بتحميد ربه والثناء عليه ثم يصل على النبي صلى الله عليه وسلم ثم يدعو بما شاء وهذا مما يدل على أن قول ابن مسعود المذكور قريبا مرفوع فإنه بلفظه وقد طعن ابن عبد البر في الاستدلال بحديث فضالة للوجوب فقال لو كان كذلك لأمر المصلى بالإعادة كما أمر المسئ صلاته وكذا أشار إليه ابن حزم وأجيب باحتمال أن يكون الوجوب وقع عند فراغه ويكفي التمسك بالامر في دعوى الوجوب وقال جماعة منهم الجرجاني من الحنفية لو كانت فرضا للزم تأخير البيان عن وقت الحاجة لأنه علمهم التشهد وقال فيتخير من الدعاء ما شاء ولم يذكر الصلاة عليه وأجيب باحتمال أن لا تكون فرضت حينئذ وقال شيخنا في شرح الترمذي قد ورد هذا في الصحيح بلفظ ثم ليتخير وثم للتراخي فدل على أنه كان هناك شئ بين التشهد والدعاء واستدل بعضهم بما ثبت في صحيح مسلم من حديث أبي هريرة رفعه إذا فرغ أحدكم من التشهد الأخير فليستعذ بالله من أربع الحديث وعلى هذا عول ابن حزم في إيجاب هذه الاستعاذة في التشهد وفي كون الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم مستحبة عقب التشهد لا واجبة وفيه ما فيه والله أعلم وقد انتصر ابن القيم للشافعي فقال أجمعوا على مشروعية الصلاة عليه في التشهد وانما اختلفوا في الوجوب والاستحباب وفي تمسك من لم يوجبه بعمل السلف الصالح نظر لان عملهم كان بوفاقه الا إن كان يريد بالعمل الاعتقاد فيحتاج إلى نقل صريح عنهم بأن ذلك ليس بواجب وأنى يوجد ذلك قال وأما قول عياض ان الناس شنعوا على الشافعي فلا معنى له فأي شناعة في ذلك لأنه لم يخالف نصا ولا إجماعا ولا قياسا ولا مصلحة راجحة بل القول بذلك من محاسن مذهبه وأما نقله للاجماع فقد تقدم رده وأما دعواه أن الشافعي اختار تشهد ابن مسعود فيدل على عدم معرفة باختيارات الشافعي فإنه إنما اختار تشهد ابن عباس وأما ما احتج به جماعة من الشافعية من الأحاديث المرفوعة الصريحة في ذلك فإنها ضعيفة كحديث سهل بن سعد وعائشة وأبي مسعود وبريدة وغيرهم وقد استوعبها البيهقي في الخلافيات ولا بأس بذكرها للتقوية لا أنها تنهض بالحجة (قلت) ولم أر عن أحد من الصحابة والتابعين التصريح بعدم الوجوب الا ما نقل عن إبراهيم النخعي ومع ذلك فلفظ المنقول عنه كما تقدم يشعر بأن غيره كان قائلا بالوجوب فإنه عبر بالاجزاء (قوله في ثاني حديثي الباب ابن أبي حازم والدراوردي) اسم كل منهما عبد العزيز وابن أبي حازم ممن يحتج به البخاري والدراوردي انما يخرج له في المتابعات أو مقرونا بآخر ويزيد شيخهما هو ابن عبد الله ابن الهاد وعبد الله بن خباب بمعجمة وموحدتين الأولى ثقيلة (قوله هذا السلام عليك) أي عرفناه كما وقع تقريره في الحديث الأول وتقدمت بقية فوائده في الذي قبله واستدل بهذا الحديث على تعين هذا اللفظ الذي علمه النبي صلى الله عليه وسلم لأصحابه في امتثال الامر سواء قلنا بالوجوب
(١٤١)