على ذلك لو حلف أن يصلي عليه أفضل الصلاة فطريق البر أن يأتي بذلك هكذا صوبه النووي في الروضة بعد ذكر حكاية الرافعي عن إبراهيم المروزي أنه قال يبر إذا قال كلما ذكره الذاكرون وكلما سها عن ذكره الغافلون قال النووي وكأنه أخذ ذلك من كون الشافعي ذكر هذه الكيفية (قلت) وهي في خطبة الرسالة لكن بلفظ غفل بدل سها وقال الأذرعي إبراهيم المذكور كثير النقل من تعليقة القاضي حسين ومع ذلك فالقاضي قال في طريق البر يقول اللهم صلى على محمد كما هو أهله ومستحقه وكذا نقله البغوي في تعليقه (قلت) ولو جمع بينها فقال ما في الحديث وأضاف إليه أثر الشافعي وما قاله القاضي لكان أشمل ويحتمل أن يقال يعمد إلى جميع ما اشتملت عليه الروايات الثابتة فيستعمل منها ذكرا يحصل به البر وذكر شيخنا مجد الدين الشيرازي في جزء له في فضل الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم عن بعض العلماء أنه قال أفضل الكيفيات أن يقول اللهم صل على محمد عبدك ورسولك النبي الأمي وعلى آله وأزواجه وذريته وسلم عدد خلقك ورضا نفسك وزنة عرشك ومداد كلماتك وعن آخر نحوه لكن قال عدد الشفع والوتر وعدد كلماتك التامة ولم يسم قائلها والذي يرشد إليه الدليل ان البر يحصل بما في حديث أبي هريرة لقوله صلى الله عليه وسلم من سره أن يكتال بالمكيال الأوفى إذا صلى علينا فليقل اللهم صل على محمد النبي وأزواجه أمهات المؤمنين وذريته وأهل بيته كما صليت على إبراهيم الحديث والله أعلم (تنبيه) إن كان مستند المروزي ما قاله الشافعي فظاهر كلام الشافعي ان الضمير لله تعالى فإن لفظه وصلى الله على نبيه كلما ذكره الذاكرون فكان حق من غير عبارته أن يقول اللهم صل على محمد كلما ذكرك الذاكرون الخ واستدل به على جواز الصلاة على غير الأنبياء وسيأتي البحث فيه في الباب الذي بعده واستدل به على أن الواو لا تقتضي الترتيب لان صيغة الامر وردت بالصلاة والتسليم بالواو في قوله تعالى صلوا عليه وسلموا وقدم تعليم السلام قبل الصلاة كما قالوا علمنا كيف نسلم عليك فكيف نصلي عليك واستدل به على رد قول النخعي يجزئ في امتثال الامر بالصلاة قوله السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته في التشهد لأنه لو كان كما قال لأرشد النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه إلى ذلك ولما عدل إلى تعليمهم كيفية أخرى واستدل به على أن افراد الصلاة عن التسليم لا يكره وكذا العكس لان تعليم التسليم تقدم قبل تعليم الصلاة كما تقدم فأفرد التسليم مدة في التشهد قبل الصلاة عليه وقد صرح النووي بالكراهة واستدل بورود الامر بهما معا في الآية وفيه نظر نعم يكره ان يفرد الصلاة ولا يسلم أصلا اما لو صلى في وقت وسلم في وقت آخر فإنه يكون ممتثلا واستدل به على فضيلة الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم من جهة ورود الامر بها واعتناء الصحابة بالسؤال عن كيفيتها وقد ورد في التصريح بفضلها أحاديث قوية لم يخرج البخاري منها شيئا منها ما أخرجه مسلم من حديث أبي هريرة رفعه من صلى على واحدة صلى الله عليه عشرا وله شاهد عن أنس عند أحمد والنسائي وصححه ابن حبان وعن أبي بردة بن نيار وأبي طلحة كلاهما عند النسائي ورواتهما ثقات ولفظ أبي بردة من صلى علي من أمتي صلاة مخلصا من قلبه صلى الله عليه بها عشر صلوات ورفعه بها عشر درجات وكتب له بها عشر حسنات ومحا عنه عشر سيئات ولفظ أبي طلحة عنده نحوه وصححه ابن حبان ومنها حديث ابن مسعود رفعه ان أولى الناس بي يوم القيامة أكثرهم علي صلاة وحسنه
(١٤٣)