كما كتب على الذين من قبلكم وهو كقول القائل أحسن إلى ولدك كما أحسنت إلى فلان ويريد بذلك أصل الاحسان لا قدره ومنه قوله تعالى وأحسن كما أحسن الله إليك ورجح هذا الجواب القرطبي في المفهم الرابع ان الكاف للتعليل كما في قوله كما أرسلنا فيكم رسولا منكم وفي قوله تعالى فاذكروه كما هداكم وقال بعضهم الكاف على بابها من التشبيه ثم عدل عنه للاعلام بخصوصية المطلوب الخامس أن المراد أن يجعله خليلا كما جعل إبراهيم وأن يجعل له لسان صدق كما جعل لإبراهيم مضافا إلى ما حصل له من المحبة ويرد عليه ما ورد على الأول وقربه بعضهم بأنه مثل رجلين يملك أحدهما ألفا ويملك الاخر ألفين فسأل صاحب الألفين أن يعطى ألفا أخرى نظير الذي اعطيها الأول فيصير المجموع للثاني أضعاف ما للأول السادس ان قوله اللهم صل على محمد مقطوع عن التشبيه فيكون التشبيه متعلقا بقوله وعلى آل محمد وتعقب بأن غير الأنبياء لا يمكن ان يساووا الأنبياء فكيف تطلب لهم صلاة مثل الصلاة التي وقعت لإبراهيم والأنبياء من آله ويمكن الجواب عن ذلك بأن المطلوب الثواب الحاصل لهم لا جميع الصفات التي كانت سببا للثواب وقد نقل العمراني في البيان عن الشيخ أبي حامد أنه نقل هذا الجواب عن نص الشافعي واستبعد ابن القيم صحة ذلك عن الشافعي لأنه مع فصاحته ومعرفته بلسان العرب لا يقول هذا الكلام الذي يستلزم هذا التركيب الركيك المعيب من كلام العرب كذا قال وليس التركيب المذكور بركيك بل التقدير اللهم صل على محمد وصل على آل محمد كما صليت إلى آخره فلا يمتنع تعلق التشبيه بالجملة الثانية * السابع أن التشبيه انما هو للمجموع بالمجموع فإن في الأنبياء من آل إبراهيم كثرة فإذا قوبلت تلك الذوات الكثيرة من إبراهيم وآل إبراهيم بالصفات الكثيرة التي لمحمد أمكن انتفاء التفاضل (قلت) ويعكر على هذا الجواب أنه وقع في حديث أبي سعيد ثاني حديثي الباب مقابلة الاسم فقط بالاسم فقط ولفظه اللهم صل على محمد كما صليت على إبراهيم * الثامن أن التشبيه بالنظر إلى ما يحصل لمحمد وآل محمد من صلاة كل فرد فرد فيحصل من مجموع صلاة المصلين من أول التعليم إلى آخر الزمان أضعاف ما كان لآل إبراهيم وعبر ابن العربي عن هذا بقوله المراد دوام ذلك واستمراره * التاسع أن التشبيه راجع إلى المصلي فيما يحصل له من الثواب لا بالنسبة إلى ما يحصل للنبي صلى الله عليه وسلم وهذا ضعيف لأنه يصير كأنه قال اللهم أعطني ثوابا على صلاتي على النبي صلى الله عليه وسلم كما صليت على آل إبراهيم ويمكن أن يجاب بأن المراد مثل ثواب المصلى على آل إبراهيم * العاشر دفع المقدمة المذكورة أولا وهي أن المشبه به يكون أرفع من المشبه وأن ذلك ليس مطردا بل قد يكون التشبيه بالمثل بل وبالدون كما في قوله تعالى مثل نوره كمشكاة وأين يقع نور المشكاة من نوره تعالى ولكن لما كان المراد من المشبه به أن يكون شيئا ظاهرا واضحا للسامع حسن تشبيه النور بالمشكاة وكذا هنا لما كان تعظيم إبراهيم وآل إبراهيم بالصلاة عليهم مشهورا واضحا عند جميع الطوائف حسن أن يطلب لمحمد وآل محمد بالصلاة عليهم مثل ما حصل لإبراهيم وآل إبراهيم ويؤيد ذلك ختم الطلب المذكور بقوله في العالمين أي كما أظهرت الصلاة على إبراهيم وعلى آل إبراهيم في العالمين ولهذا لم يقع قوله في العالمين الا في ذكر آل إبراهيم دون ذكر آل محمد على ما وقع في الحديث الذي ورد فيه وهو حديث أبي مسعود فيما أخرجه مالك ومسلم وغيرهما وعبر الطيبي عن ذلك بقوله ليس التشبيه المذكور من
(١٣٧)