فقال له الحارث: أخبرني نحيتم عنها أهل بيته وهم أحق الناس بها، لان الله عز وجل يقول: (وأولوا الأرحام بعضهم أولى ببعض في كتاب الله)؟
فقال له زياد بن لبيد: إن المهاجرين والأنصار أنظر لأنفسهم منك.
فقال الحارث بن معاوية: لا والله، ما أزلتموها عن أهلها إلا حسدا منكم لهم، وما يستقر في قلبي أن رسول الله صلى الله عليه وآله خرج من الدنيا ولم ينصب للناس علما يتبعونه، فارحل عنا أيها الرجل، فإنك تدعو إلى غير رضا، ثم أنشأ الحارث بن معاوية يقول:
كان الرسول هو المطاع فقد مضى * صلى عليه الله لم يستخلف قال: فوثب عرفجة بن عبد الله الذهلي فقال: صدق والله الحارث بن معاوية، أخرجوا هذا الرجل عنكم فما صاحبه بأهل للخلافة، ولا يستحقها بوجه من الوجوه، وما المهاجرون والأنصار بأنظر لهذه الأمة من نبيها محمد صلى الله عليه وآله.
قال: ثم وثب رجل من كندة يقال له: عدي بن عوف فقال: يا قوم لا تسمعوا قول عرفجة بن عبد الله، ولا تطيعوا أمره، فإنه يدعوكم إلى الكفر ويصدكم عن الحق، إقبلوا من زياد بن لبيد ما يدعوكم إليه، وارضوا بما رضي به المهاجرون والأنصار، فإنهم أنظر لأنفسهم منكم، قال: ثم أنشأ يقول في ذلك أبياتا من جملتها:
يا قوم إني ناصح لا ترجعوا * في الكفر واتبعوا مقال الناصح قال: فوثب إليه نفر من بني عمه، فضربوه حتى أدموه وشتموه أقبح الشتم، ثم وثبوا إلى زياد بن لبيد، فأخرجوه من ديارهم وهموا بقتله (1).
قال الأحمدي: نقلنا هذه المناظرة لكي يتأمل فيه القارئ فيقف على