تعلمون أنه لو حضر رجل وقال: أنا أمشي على الماء ببغداد فإنه يجتمع لمشاهدته لعل من يقدر على ذلك منهم، فإذا مشى على الماء وتعجب الناس منه، فجاء آخر قبل أن يتفرقوا وقال أيضا: انا أمشي على الماء، فإن التعجب منه يكون أقل من ذلك، فمشى على الماء فإن بعض الحاضرين ربما يتفرقون ويقل تعجبهم، فإذا جاء ثالث وقال: أنا أيضا أمشى على الماء، فربما لا يقف للنظر إليه إلا قليل، فإذا مشى على الماء سقط التعجب من ذلك، فإن جاء رابع وذكر أنه يمشي أيضا على الماء فربما لا يبقى أحد ينظر إليه ولا يتعجب منه.
وهذه حالة المهدي عليه السلام، لأنكم رويتم أن إدريس حي موجود في السماء منذ زمانه إلى الان، ورويتم أن الخضر حي موجود مذ زمان موسى عليه السلام أو قبله إلى الان، ورويتم أن عيسى حي موجود في السماء وأنه يرجع إلى الأرض مع المهدي عليه السلام، فهذه (1) ثلاثة نفر من البشر قد طالت أعمارهم وسقط التعجب بهم من طول أعمارهم.
فهلا كان لمحمد بن عبد الله صلوات الله وسلامه عليه وآله أسوة بواحد منهم أن يكون من عترته آية الله جل جلاله في أمته بطول عمر واحد من ذريته فقد ذكرتم ورويتم في صفته: أنه يملأ الأرض قسطا وعدلا بعد ما ملئت جورا وظلما، ولو فكرتم لعرفتم أن تصديقكم وشهادتكم أنه يملأ الأرض بالعدل شرقا وغربا وبعدا وقربا أعجب من طول بقائه وأقرب إلى أن يكون ملحوظا بكرامات الله جل جلاله لأوليائه، وقد شهدتم أيضا له: أن عيسى بن مريم النبي المعظم عليهما السلام يصلي خلفه مقتديا به في صلاته وتبعا له ومنصورا به في حروبه وغزواته، وهذا أيضا مقاما مما استبعد تموه من طول حياته.
فوافقوا على ذلك. وفي حكاية الكلام زيادة فاطلب من الطرائف