وقال الله جل جلاله في مخالفتهم له في الامن: (وإذا رأوا تجارة أو لهوا انفضلوا إليها تركوك قائما قل ما عند الله خير من اللهو ومن التجارة والله خير الرازقين)، فذكر جماعة من المؤرخين أنه كان يخطب يوم الجمعة فبلغهم أن جمالا جاءت لبعض الصحابة مزينة فسارعوا إلى مشاهدتها وتركوه قائما، وما كان عند الجمال شئ يرجون الانتفاع به فما ظنك بهم إذا حصلت خلافة يرجون نفعها ورياستها؟! وقال الله تعالى في سوء صحبتهم ما قال الله جل جلاله: (ولو كنت فظا غليظ القلب لانفضوا من حولك فاعف عنهم واستغفر لهم وشاورهم في الامر).
ولو كانوا معذورين في سوء صحبتهم ما قال الله جل جلاله: (فاعف عنهم واستغفر لهم) وقد عرفت في صحيحي مسلم والبخار معارضتهم للنبي صلى الله عليه وآله في غنيمة هوازن لما أعطى المؤلفة قلوبهم أكثر منهم، ومعارضتهم له لما عفا عن أهل مكة وتركه تغيير الكعبة وإعادتها إلى ما كانت زمن إبراهيم عليه السلام خوفا من معارضتهم له، ومعارضتهم له لما خطب في تنزيه صفوان بن المعطل لما قذف عائشة وأنه ما قدر أن يتم الخطبة، أتعرف هذا جميعه في صحيحي مسلم والبخاري؟
فقال: هذا صحيح.
فقلت: وقال الله جل جلاله في إيثارهم عليه القليل من الدنيا: (يا أيها الذين آمنوا إذا ناجيتم الرسول فقدموا بين يدي نجواكم صدقة) وقد عرفت أنهم امتنعوا من مناجاته ومحادثته لأجل التصدق برغيف وما دونه حتى تصدق علي ابن أبي طالب عليه السلام بعشرة دراهم عن عشر دفعات ناجاه فيها، ثم نسخت الآية بعد أن صارت عارا عليهم وفضيحة إلى يوم القيامة بقوله - جل جلاله -: (أاشفقتم أن تقدموا بين يدي نجواكم صدقات فإذ لم تفعلو وتاب الله عليكم).